العقل (١) لا يرى تفاوتاً بينه (٢) وبين سائر الافراد في الوفاء (٣) بغرض الطبيعة
______________________________________________________
المستلزمة هذه التبعية للحرمة الفعلية وعدم الأمر ، لأقوائية مناط الحرمة بناء على الامتناع وتغليب جانب النهي ، لا تبعية الأحكام لما هو المؤثر منهما فعلا في الحسن والقبح حتى يكون الفعل مأموراً به.
والغرض من قوله : «مع أنه» تصوير امتثال الأمر حتى على مبنى تبعية الأحكام للملاكات الواقعية ، بأن يقال : ان العقل حيث انه لا يرى تفاوتاً في الوفاء بالغرض القائم بالطبيعة المأمور بها بين الفرد المبتلى بالمزاحم كالصلاة في المكان المغصوب ، وبين سائر أفرادها الا من ناحية وجود المانع عن الوجوب في الفرد المزاحم ، لا عدم المقتضي ، إذ المفروض وجوده في تمام الافراد ، يحكم بإمكان حصول امتثال الأمر إذا أتى بالمجمع ، كالصلاة في الدار المغصوبة بداعي امتثال الأمر بالطبيعة ، كما تقدم نظيره في ضد الواجب ، كالصلاة بالنسبة إلى الإزالة ، حيث انه قيل بإمكان الإتيان بالصلاة هناك بداعي الأمر المتعلق بطبيعتها وان كان فردها المزاحم بالإزالة خالياً عن الأمر ، فالفرد المزاحم وان لم يكن فرداً للطبيعة بما هي مأمور بها ، لكنه من أفرادها بما هي هي ، ومشتمل على ما يشتمل عليه أفراد الطبيعة بما هي مأمور بها من الغرض الداعي إلى الأمر. وقد مر تفصيل هذا النحو من الامتثال في مبحث الضد ، فراجع.
(١) هذا تقريب إمكان امتثال الأمر ، وقد عرفته بقولنا : «والغرض».
(٢) أي : بين المجمع ـ وهو الفرد المبتلى بالمزاحم ـ وبين سائر الافراد.
(٣) متعلق بقوله : «تفاوتا».
__________________
أمر الصلاة إلى الصوم ، ولا فرق في ذلك بين عدم المقتضي ووجود المانع ، إذ المدار على صلاحية الملاك لدعوة الشارع إلى التشريع ، ومع وجود المانع عن هذه الدعوة لا يصلح لذلك ، فالامر مفقود بالنسبة إلى الفرد الّذي يكون في ملاكه مانع عن التشريع ، ويختص الأمر بالفرد الّذي لا مانع في ملاكه.