وان لم يكن بينهما (١) مضادة ما لم تبلغ إلى تلك المرتبة (٢) ، لعدم (٣) المنافاة والمعاندة بين وجوداتها الإنشائية (٤) قبل البلوغ إليها (٥) كما لا يخفى. فاستحالة (٦) اجتماع الأمر والنهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال (٧) ، بل من جهة أنه بنفسه محال ، فلا يجوز
______________________________________________________
(١) أي : بين البعث والزجر.
(٢) أي : مرتبة الفعلية.
(٣) تعليل لعدم التضاد بين الحكمين ما لم يبلغا مرتبة الفعلية.
(٤) الأحكام الإنشائية هي الأحكام المجعولة على ما تقتضيها ملاكاتها وان كانت مقرونة بالمانع ، فعلى هذا يمكن إنشاء الوجوب والحرمة لشيء واحد إذا كان فيه مصلحة ومفسدة وان كان الحكم الفعلي أحدهما أو غيرهما ، لأن الحكم الفعلي تابع للملاك الّذي يكون داعياً إلى تشريعه.
وبالجملة : فلا منافاة بين الحكمين الإنشائيين التابعين لمجرد وجود المقتضي لهما ولو مع وجود المانع.
(٥) أي : إلى الفعلية ، فان التنافي بين الحكمين انما يكون في هذه المرتبة دون مرتبة الإنشاء والاقتضاء.
(٦) هذا متفرع على تضاد الأحكام في مرتبة الفعلية.
(٧) يعني : أن اجتماع الأمر والنهي الفعليين بنفسه محال ، لكونه من اجتماع الضدين الّذي هو محال في نفسه ، لا أن الاجتماع المذكور يكون من التكليف بغير المقدور ، لعدم قدرة العبد على الجمع بين الفعل والترك حتى يكون من التكليف بالمحال الّذي هو جائز عند بعض.