والشهداء والصالحون والمؤمنون. قلت : أنا ما فعلت حتى أمّرَك عليّ؟ قال : إليه يرجع الأمر ، وحالك حال هؤلاء. فحققت النظر وإذا بعمر بن سعد ، أمير العسكر وقوم لم أعرفهم ، وإذا بعنقه سلسلة من حديد والنار خارجة من عينيه وأذنيه ، فأيقنت بالهلاك وباقي القوم منهم مغلل ، ومنهم مقيد ومنهم مقهور بعضده مثلي ، فبينما نحن نسير وإذا برسول الله الذي وصفه الملك جالس على كرسي عال يزهو ، أظنه من اللؤلؤ ورجلين ذي شيبتين بهيتين عن يمينه ، فسألت الملك عن الرجلين؟ فقال : آدم ونوح. وإذا برسول الله يقول : ما صنعت يا عليّ؟ قال : ما تركت أحداً من قاتلي الحسين إلا وأتيت به. فحمدت الله تعالى بأني لم أكن منهم ورَدّ إليّ عقلي ، وإذا برسول الله يقول : قدموهم! قدموهم إليه وجعل يسألهم ويبكي ويبكي كل من في الموقف لبكائه ، لأنّه يقول للرجل : ما صنعت بطف كربلاء بولدي الحسين؟ فيجيب : يا رسول الله ، أنا حميت الماء عليه ، وهذا يقول : أنا قتلته. وهذا يقول : أنا سلبته. وهذا يقول : أنا وطأت صدره بفرسي ، ومنهم يقول : أنا ضربت ولده العليل. فصاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : وا ولداه ، واقلة ناصراه ، وا حسيناه وا علياه ، هكذا صدر عليكم بعدي أهل بيتي ، انظر يا أبي يا آدم ، انظر يا أخي يا نوح كيف أخلفوني في ذريتي؟ فبكوا حتى إرتج المحشر ، فأمر بهم زبانية جهنم يجرونهم أولاً فأولاً إلى النار ، وإذا بهم قد أتوا برجل فسأله قال : ما صنعت شيئاً ، قال : أما أنت نجار؟ قال : صدقت يا سيدي ، لكني ما علمت شيئاً إلا عموداً لخيمة الحصين بن نمير ؛ لأنّه إنكسر من ريح عاصف فوصلته. فبكى صلى الله عليه وآله وسلم وقال : كَثّرت السواد على ولدي خذوه للنار وصاحوا : لا حكم إلا لله ولرسوله ووصيه. قال الحدّاد : فأيقنت بالهلاك. فأمرني فقدموني ، فاستخبرني