قد عرفت ما فيه. وما اعتمدوه في تقريب هذا الإجماع والدلالة عليه ـ من فعل النبي صلىاللهعليهوآله والخلفاء من بعده وانه مع عدمه يكون موجبا للفتنة والاختلاف ـ فقد عرفت ما فيه أيضا في ما تقدم مشروحا مبرهنا بما لا يحوم حوله للمتأمل الطالب للحق شك ولا شبهة.
ونزيده بيانا وتأكيدا فنقول (أولا) ـ انه على تقدير إمكان انعقاد مثل هذا الإجماع فلا بد من نقله مسلسلا من زمان الانعقاد الى زمان النزاع ولو آحاد ان اكتفينا به وليس فليس ، فلم يبق إلا إجماع منقول بخبر واحد مرسل ، فان نقلة هذا الإجماع كابن إدريس والمقداد وغيرهما ليس أحد منهم ممن عاين سيرة الأئمة (عليهمالسلام) فكيف يمكن نقلها فضلا عن انها مجمع عليها بدون واسطة بل لا بد من وسائط معلومة تنتهي الى من عاين تلك السيرة ، وليس لناقل هذا الإجماع دليل يلجأ اليه ولا مستمسك يعتمد عليه سوى ما عرفت من دعوى ان النبي صلىاللهعليهوآله والخلفاء الراشدين بعده كانوا يباشرون هذه الصلاة أو يعينون لها من يقوم بها كما عرفت ، مع ان المباشرة والتعيين الثابتين أعم من الواجبين بالأصالة أو بالعارض ولو باعتبار مصلحة مدنية والندبين والمختلفين ، ولا دلالة للعام على الخاص ولو دل لدل تعيين المؤذنين وأئمة الجماعات وسقاة الحج وقابضى مفاتيح الكعبة وامارة الحجيج ونحو ذلك على الوجوب ، وشيء من ذلك ليس بواجب إلا لعروض عارض مدني ؛ وبالجملة فإنه إنما يدل على رجحان عارض يختلف باختلاف المعين والمعين والزمان والمكان والسكان لا رجحان أصلي شرعي لا يختلف باختلافها فأين دلالته على الوجوب الشرعي المدعى؟
ثم من العجب العجاب عند ذوي البصائر والألباب والدعوى التي هي أبعد شيء من الصواب ادعاء الإجماع على سنة من سنن النبي صلىاللهعليهوآله بل على سيرة من سيره لم يخرج عن مستودعي سره وخازني علمه أهل بيت العصمة والطهارة فيها نبأ من الإنباء الآحادية يدل على ثبوتها ولو دلالة إيماء واشارة ، هذا والصوارف عن نقلها