من جهة التقية ـ حيث كان مقتضاها أشبه بمذهب أبي حنيفة (١) ـ مصروفة والبواعث عليها ـ لشدة الحاجة الى الحكم المبنى عليه ـ بالتحقيق معروفة ، أو ما علموا انه ليس لسره وسريرته وسنته مظهر سوى ما ظهر منهم (عليهمالسلام) من الآثار؟ أو ما سمعوا مناديهم ينادى ان لا شيء من الحق والصواب في أيدي الناس إلا ما برز من وراء تلك الحجب والأستار؟
قال بعض المحققين من متأخري المتأخرين : ولعل تعيين من يباشر صلاة الجمعة كان من جملة المحدثات التي أحدثها من كان بعده صلىاللهعليهوآله وبدعهم التي لم يجر عليها قلم التغيير أو آراء أبي حنيفة التي بنيت أكثرها على الاستحسان وملائمة طباع سلاطين الوقت والمنصوبين من قبلهم من قاض أو أمير ثم عمت البلية فسرى الاشتباه الى هذه الفرقة الناجية وانقدح في بعض الأذهان حيث كان منسوبا إلى سيرة النبي صلىاللهعليهوآله وصادف قلوبا عن التحلي بحلية ما هو الحق الواقعي خالية كما قيل «وصادف قلبا خاليا فتمكنا» وانضاف الى ذلك عموم التقية المقتضية لعدم مباشرتهم (عليهمالسلام) وشيعتهم تلك الوظيفة إلا سرا ولزوم حضورهم جمعة أهل الخلاف وجماعاتهم وحثهم عليها نهيا وامرا. ولعل الله ان يجعل هذه الشبهة في حق من ذهب الى الإبداع أو التخيير علة وعذرا (٢). انتهى كلامه زيد مقامه. وهو جيد نفيس مؤيد لما قلناه مؤكد لما سطرناه.
و (ثانيا) ـ ما أجاب به شيخنا زين المحققين في الرسالة من انه على تقدير تسليمه لا يلزم منه تحريم فعلها حال الغيبة مطلقا كما زعمه هذا القائل ، فإن الفقهاء نواب الامام على العموم لقول الصادق (٣) «انظروا الى رجل منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حكما فانى قد جعلته عليكم حاكما. الحديث». وغيره مما في معناه. وجعله حاكما من قبله عليهالسلام على العموم
__________________
(١) ارجع الى التعليقة ١ و ٢ ص ٤٢٢.
(٢) ارجع الى التعليقة ٥ ص ٣٨٦ والتعليقة ٣ ص ٤١١ والتعليقة ١ ص ٤٢٦ ليتضح لك الحق.
(٣) ارجع الى التعليقة ١ ص ٤٣٠.