سيُدالون منكم ، باجتماعهم على باطلهم ، وتفرُّقِكُمْ عن حقِّكُمْ ، وبمعصيتكُمْ إمامَكُم في الحق ، وطاعتِهِمْ إمامَهُم في الباطل ، وبادائِهِمْ الأمانة إلى صاحبهم وخيانتكم ، وبصلاحهم في بلادهم وفسادِكُم ، فلو ائتمنت أَحَدَكم على قُعْبٍ لخشيتُ أن يذهب بعلاقته ، اللهم إني قد مَلِلْتُهُمْ وملّوني ، وَسَئِمْتُهُمْ وسَئِموني ، فأَبْدِلْني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شرّاً مني. اللهم مِثْ قلوبَهم كما يُماث المِلْحُ في الماء. أما والله لَوَدِدتُ أَنَّ لي بكم ألف فارسٍ من بني فراس بن غَنْم.
هنالك لو دَعَوْتَ أتاك منهم |
|
فوارسُ مثل أرْمِيَةِ الحميم» (١) |
فالإمام عليهالسلام ـ في هذه الكلمات ـ يكشف النقاب عن العوامل الّتي أدّت بالتالي إلى هزيمة جيشه ، وهي تتلخص في تخلّف أتباعه عن الأصول الحقّة الّتي يجب على الشعب الالتزام بها تجاه قائده ، بينما كان أتباع معاوية يجسدونها في مجتمعهم. وهذه الأُصول هي :
١. توحيد الكلمة ووحدتها ، ويقابله التفرّق والاختلاف.
٢. إطاعة القائد ، ويقابلها التمرّد عليه وعصيانه.
٣. أداء الأمانة إلى الإمام ، ويقابله خيانتها.
٤. إصلاح البلاد ، ويقابله الإفساد فيها.
هذه الأصول الّتي جاءت في كلام الإمام عليهالسلام ، وهي أُصول حقّة ، وكان الإمام داعماً لها ، والنصر حليف العمل بها ، ولكن العراقيين تخلفوا عنها ، بينما تفانى فيها الشاميون. فلا تُعَدّ غلبتهم ، غلبةً لمنهج معاوية الّذي كان مبتنياً على مبادئ لا توافق تعاليم الإسلام ، على منهج الإمام المجسد لأصول ومبادئ الإسلام.
الثاني ـ نحن نرى أنّ البلاد الإسلامية قد صارت في هذه الأزمان فريسة للغربيين ، وأنّ الغرب والشرق بمعسكريه الاشتراكي والرأسمالي ، ضربا المسلمين ضرباً عنيفاً ، وأغارا على ثقافتهم ومعارفهم واقتصادهم وثرواتهم ، وكل شيء نالته أيديهم ، فالإنسان الساذج يزعم أنّ ذلك من قبيل غلبة منهج على منهج
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٥