انقلبت حضارتهم رأساً على عقب ، ورحلت عنهم العلوم والمعارف.
وبذلك يتضح أنّ الهزيمة كانت ناتجة عن الابتعاد عن الإسلام ، والانحلال عن الالتزام بمبادئه وأُصوله وفروعه ، كما أنّ غلبة الغرب ناتجة عن طرده للمسيحية المزعومة الّتي كانت تحاصر العلم والعلماء ، وتعذّب المكتشفين والمخترعين ، وتنشر الخرافات والأساطير ، وتمسكه بأسباب الحضارة والأُصول الإنسانية التي لم يزل الإسلام داعياً إليها ، واتّصاله بالحضارة الإسلامية واقتباس علومها وإكمال مسيرتها. والله تعالى يعلم إلى متى تستمر هذه الغلبة ـ وبوادر انحلالهم ويقظة المسلمين قد ظهرت ـ ولله سبحانه سنن لا تتخلّف ، قال سبحانه : (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (١) ، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (٢) ، (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) (٣).
فما ذكروه من أن ثمرة كل شجرة تعرب عن ماهيتها ، صحيح ، إلّا أنّه يجب ضم معرفة أُخرى إليه وهي أنّ نعلم أنّ هذه الثمرة لهذه الشجرة ، وأنّ التأخّر نتيجة تطبيق الإسلام في هذه الأعصار ، والتقدم نتيجة تطبيق المسيحية كذلك. وهذا العلم منتف ، بل الواقع هو العلم بخلافه.
__________________
(١) الفتح : ٢٣.
(٢) فاطر : ٤٣.
(٣) آل عمران : ١٤٠.