اختلفا مع استاذهما في بعض النتائج. وركّز المحلّلون النفسيون اهتمامهم على الدوافع والأسباب اللاشعورية الّتي تتستر خلف بعض الأفعال السلوكية والحالات النفسية للإنسان ، وكشفت بذلك على سر عظيم في باطن الإنسان ، غير مرئي ولا ملموس لنا ، وإنّما نتعرف عليه من سلوك الإنسان وحالاته النفسية. وإليك فيما يلي البيان.
إنّ الشخصية النفسية الّتي يشير إليها الإنسان بلفظ «أنا» ، يشكلها أمران نفسيان يعبّر عنهما في مصطلح علماء النفس بالعقل الواعي والعقل الباطن ، أو الشعور واللاشعور.
فالعقل الواعي ـ وهو المشهود لكل إنسان ـ هو المسئول عن سلوك الفرد وأفعاله وتصرفاته الاختيارية في الحياة. وهو ـ بما أنّه قوة مدركة للإنسان ويعمل في ظل الاختيار والإرادة ـ يكون شاعراً وعالماً بما يقع في صفحة النفس ، وتظهر آثاره في أفعاله وحركاته وسكناته ، في حالات وعي الإنسان والتفاته وصحوته ، ويتوقف عن العلم إذا كان مسلوب الإرادة أو واقعاً تحت تأثير ظروف خاصة ، كما سيأتي. وهذا كلّه مشهود لا نقاش فيه.
ثمّ إنهم اكتشفوا بأنّ للإنسان وراء ذلك وجداناً آخر وعقلية خاصة ، تكونها عناصر عدّة ، يمكن جمعها في أمرين :
الأوّل : المكبوتات ، وهي الأسرار والميول والرغبات الّتي يعاني منها الإنسان ، فهو يخشى ظهورها وبروزها ، فيحاول أن يدفنها وينساها ويمحوها من صفحة ذهنه الواعي ، ليرتاح من دوام الالتفات إليها.
الثاني : الروحيات ، وهي الفطريات الإنسانية والدوافع المثلى فينا ، كحب العلم والفن وحب الخير والنفور من الشر. وأيضاً : العقد النفسية ،
__________________
ـ الشعوري ، وفاعلية الأهداف في مقابل العوامل الطفلية ، وأنّ اضطرابات السلوك والأعراض العصبية تنشأ عن التعويض الزائد عمّا يعانيه الشخص من نقص وقصور وشعور بالدونية ، وما يصيب نزعته إلى التفوق والعلو ، من هبوط وحرمان. وتتلخص ـ بنظره ـ أهداف الإنسان الرئيسية في التوافق الاجتماعي ، والنجاح المهني ، وإشباع الحب جسمياً وعاطفياً وروحياً. ومن مؤلفاته : «علم النفس الفردي علماً وعملاً» و «فهم الطبيعة البشرية».