والانحرافات السلوكية الّتي تمنع البيئة أو العادات والتقاليد من إظهارها ، كعقدة التحقير ، والكبر ، والعجب ، ونحو ذلك.
وهذه المكبوتات والروحيات تجتمع في أعماق النفس لتشكّل العقل اللاواعي للإنسان. وما دام الإنسان في حالات الوعي والشعور والاختيار ، يكون العقل الواعي هو المتسلط على أفعاله ، المانع لتلك المخفيات عن الظهور.
غير أنّ تلك السيادة ، سيادة مؤقتة ، تدوم ما دام الوعي والإرادة مسيطرين ، فإذا ارتفعا عنه ، وقع أسير عقله الباطني من حيث لا يشعر ، وانبثقت مكبوتاته وروحياته من مَكْمَنِها ، فتتجلّى على أسارير وجهه ، وفلتات لسانه ، وتهورات جوارحه.
وأكثر ما تبرز مخفيات العقل الباطني ، في حالتين :
الأولى ـ حالات غفوة العقل الظاهر ، وكبوته ، كحالة النوم والسكر وغيرها. ولذا يذكر الإنسان في حالة النوم ما لا يذكره في اليقظة ، ويبدي في بعض حالاته ـ كحالات التنويم المغناطيسي ـ ما لا يبديه في يقظته ، وما ذلك إلّا لأنّ العقل الواعي كان مسيطراً على العقل الباطني في حال اليقظة ، فإذا غفا ونام ، سلبت سيادته ، وتوقف في تلك اللحظات عن عمله ، مفسحاً بذلك المجال أمام مخفيات العقل الباطن.
وهكذا في حال السكر ، حيث تمحق ملكات التمييز والإرادة ، فيقع السكران في نفوذ ضرب من الهذيان ، تواكبه ثائرات زائفة ، وكل ذلك من تجليات ما أُبطن في عقله.
الثانية ـ الحوادث النفسية ، والمؤثّرات الروحية الخارجية ، الّتي تخضع العقل الظاهر لتأثيرها الشديد ، وتسلب عنه السيطرة الكاملة. كحالات الغضب ، والحسد ، والنزعات العاطفية ، وتَوَهُّم العقاب أو الفضيحة وما شابه ذلك. فالحسود ـ مثلاً ـ إذا سمع مأثرة عن منافسة ، يجرّ رداءه ـ بلا شعور ـ أو يحرّك سبحته بشدة أو غير ذلك من الحركات الّتي تبرز روحياته الباطنية.
إذا تبين ذلك نقول : إنّ العقل الباطن ليس شيئاً ملموساً ولا مشهوداً ،