إذا حقق للنفس الطمأنينة والسلوى ، وأعاننا على تحمل مصاعب الحياة ، وسما بنا فوق أنفسنا (١).
وبعبارة أُخرى : إنّ الأفكار ينبغي أن تعالج على أساس ما «تؤدّيه». وحينما يحكم المرء على فكرةٍ ما بأنّها صادقة ، فإنّه يدّعي بذلك أنّها تقوده في نجاح ، خلال متاهة الخبرة.(٢)
وبعبارة واضحة : إنّ الموضوع الّذي يليق أن يبحث عنه الإنسان ، هو ما تترتب عليه نتائج عملية ، فلو كان هناك موضوع غير مؤثّر في الحياة الإنسانية ، فالبحث عنه إضاعة للوقت.
فكل قضية يكون الاعتقاد بها موجباً للنجاح ، فهي صدق وصواب ، وخلافها كذب وخطأ(٣).
فهذه الفلسفة ـ في الواقع ـ تجعل الاعتبار كلّه للعمل ، دون الفكر ، فكانت فلسفة معبّرة عن أصالة العمل : كل شيء يقع في إطار العمل والفائدة والانتفاع فهو حقّ ؛ وكل حقيقة لا تؤثّر في الواقع ، لا قيمة لها ؛ والعلم إنّما يفيد إذا كان مطلوباً للعمل ، وأمّا طلب العلم للعلم ، فلغو لا طائل فيه.
وجاء أتباع «جيمس» بعده يصرّحون بأنّ الذهن المملوءَ بالخرافات والمفيد في الحياة ، خيرٌ من الذهن المملوء بالحقائق غير المنتج في مقام العمل ، والعلم مطلوب ومرغوب به بما أنّه أداة للحياة ، لا بما أنّه كاشف عن الواقع والحقائق الكونية.
إنّ استفحال هذه النظرية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، أوجد في الأذهان نظرة سلبية تجاه المعارف الميتافيزيقية ، بحجة أنّها أمور فكرية محضة ، لا أثر عملي لها في الحياة ، فهي باطلة لا حقيقة لها.
يلاحظ على هذه النظرية :
__________________
(١) موسوعة الفلسفة : ١ / ٤٤٨ ـ ٤٤٩.
(٢) الموسوعة الفلسفية المختصرة : ١٧٩.
(٣) مسيرة الفلسفة في أوروبا : ٣ / ٢٤١.