عَرَض ، فهكذا الوجود الذهني ـ وهو إشراق النفس المنبسط على كل الماهيات المعلومة لها ـ ليس بجوهر ولا عَرَض. فليس هو كيفاً ، ولا الماهيات المنبسط عليها إشراق النفس ، كيفيّات وبالتالي ليس العلم ولا المعلومات ، كيفاً (١).
ونضيف تأييداً لهذا المذهب ، أنَّ كلَّ ما لا يختص بمقولة واحدة ، بل يتعلَّق بأكثر من مقولة ، لا يدخل تحت مقولة. ولذلك يكون الوجود الذهني ، والوجود الخارجي ، والوحدة ـ الّتي هي مساوقة للوجود الصرف ـ أُموراً فوق المقولات ، بل المقولات تكون متحققة بها. هذا.
وإنَّ الوجود ، وإن كان فوق المقولات ، ولكنه ، في كل مقولة ، نفس تلك المقولة. فالوجود الخارجي مع الجوهر جوهرٌ ، ومع الكيف كيف ، ومع الكم كمٌّ.
يقول الحكيم السَّبْزَواري ، صاحب هذه النظرية :
ليس الوجود جوهراً ولا عَرَضْ |
|
عند اعتبار ذاته بل بالعَرَضْ (٢) |
نعم ، هذا يختصّ بالوجود الخارجي ، فهو الّذي يتصبّغ بصبغة المتعلَّق ، فيكون مع الجوهر جوهراً ، ومع العرض عَرَضاً ، لأنّ الجوهرية والعرضية تتحققان في ظل الوجود الخارجي ، فالوجود يخرج الماهيات من كتم العدم إلى ساحة التحقُّق والعَيْنية ، وبالتالي يَنْصَبغُ بصبغتها ، ويتلوَّن بلونها.
وأمّا الوجود الذهني ، فبما أنّ أيّاً من الجوهريّة والعَرَضية ، بمعناه الحقيقي ، لا يتجسد به ، فلا يكون في متعلقاته جوهراً ولا عرضاً ، بل يبقى وجوداً صرفاً ، وإشراقاً من النفس على المفاهيم ، لإظهارها في تلك النشأة فيصح أن يقال إنّها ليست بكيف فيما إذا تعلقت بالكيف ، ولا بكمّ إذا تعلقت به ، وهكذا. وتسميتها بالكيف ، بالمجاز والمسامحة ، تشبيهاً لقيامها بعلتها (النفس) بقيام الأعراض بموضوعاتها ، ولعلّه لذلك ربما جاء في بعض الكلمات تسميتها ب «الكيف بالعَرَض» (٣).
__________________
(١) شرح المنظومة : لناظمها ـ صاحب النظرية : ٣١ ـ ٣٢ ، بتوضيح منّا.
(٢) المنظومة : ٣٦
(٣) وفي كلام صدر المتألهين نوع إيحاء إلى هذا الجواب ، والله العالم. لاحظ الأسفار : ١ / ٢٩٨.