وبينها حجاب. ولنذكر بعضاً من أبرز تلك الخصال الصادّة عن معرفة الحقائق ودركها ، وكثير من الخصال الأُخرى تندرج تحتها.
أ ـ الكِبْر : وهي حالة أو مَلَكَة في الإنسان تضفي على صاحبها روح الأنانية والغَطْرَسة ، والشعور بالاستعلاء والتفوّق على الغير : فالحقُّ ما يراه هو حقّاً ، والباطل ما يراه هو باطلاً.
فإذا نظر الإنسان المتكبّر إلى الأقيسة والأدلة ، خصوصاً إذا وجدها في كلام من ينافسه أو يعانده أو يراه أنزل درجة منه ، لا تخضع نفسه لمضامينها ونتائجها ، ويتسرّع في ردّها ونقدها ولو على وجه فاشل.
يقول الإمام الباقر عليهالسلام : «ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر إلّا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك ، قلّ ذلك أو كثر» (١).
ب ـ العصبية ، واتّباع الأَهواء القَبَلية والقومية والعرقية وما شاكل ، فإنّها من أعظم سدود المعرفة وموانعها ، وهي الّتي منعت الأُمم عبر التاريخ من الخضوع لبراهين أنبياء الله ورسله ، الواضحة القاطعة ، كما يقول سبحانه : (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (٢).
ج ـ اتّخاذ المواقف والآراء المسبقة بلا دليل وبرهان : فإنّ من بنى لنفسه رأياً مسبقاً ـ أيّاً كان مصدره ـ مهما سيقت أمامه البراهين والحجج ، لن يراها مقنعة ، إلّا إذا كان رجلاً موضوعياً منصفاً ، يحترم الحقَّ أزيد من نفسه وآرائه وعقيدته.
د ـ الغرور العلمي : وهو داء يصيب المجتمعات فيلقي حجاباً على قلوب أبنائها ويصدّهم عن رؤية الواقع والحقيقة ، وقد تفشّى هذا الداء في الغرب في أعقاب نهضته الصناعية وألقى بهم في مهاوي الإلحاد. ونحن نكتفي بنموذج واحد من هذا الغرور العلمي والعاقبة الوخيمة الّتي انجرّ إليها : «وما عشت أراك الدهر عجباً».
__________________
(١) سفينة البحار : ٢ / ٤٦٠ ، مادة كبر.
(٢) الزخرف : ٢٣.