لقد تركت الفلسفة الديالكتيكية الّتي أَسسها «ماركس» وزميله «أنجلز» ، صدى عظيماً في البلاد الغربية (١) ، وتلقفها الجامعيون تلامذة وأساتذة ، وكأنّها وحي أوحي إليهما ، وما كان ذلك إلّا لانغرارهم بما توصّلوا إليه من علوم ، حتّى حسبوا أنّ الحقيقة كلَّها فيما وصلوا إليه ، ولا شيء بعده ، فاستهزءوا بالدين ورجالاته ، ومبادئه وقيمه. وقد ضلّ غِبّ هذه النظرية خَلْق كثير ، وجَمٌّ غفير من شعوب الدنيا.
ولكن الزمان لم يمهلهم ، وإذْ بدائرته تدور عليهم ، وترغم أنوف غطرستهم ، فها قد سقط الحجاب عن وجه الماركسية ، وظهر لناظري أهل الدنيا فشلها الذريع فلسفياً وسياسياً واقتصادياً ، وغدت في متاحف التاريخ ومن مخلّفات الماضي ، بل أضحى أبناؤها يهرولون ذات اليمين وذات الشمال وهم يتبرءون منها ، ويَرْحَضون عن أنفسهم عارها (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) (٢).
فهذا النموذج مثال ساطع لعاقبة الغرور العلمي ، وعاقبة الإلحاد والخروج عن دائرة الربوبية. وعلى طلّاب الحقيقة دراسة هذه الظاهرة ، والتدبّر فيها من كافة جوانبها ، والتأمّل في العاقبة الّتي آلت إليها ، ليتجنّبوا تكررها ثانية في التاريخ.
ه ـ التأثّر بالشخصيات المرموقة : لا شك أنّ للشخصية الاجتماعية
__________________
(١) نريد بها ما وراء العالم الإسلامي.
(٢) الحشر : ٢.
ومن عجائب الأُمور ما قرره البرلمان السوفياتي يوم ١٥ شعبان ١٤١٠ ه ـ يوم ولادة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ من إلغاء دور الحزب الشيوعي في حكم البلاد ، وإلغاء الملكية العامة للدولة وإطلاق المجال للملكيات الخاصة ، وإقامة نظام رئاسي مكان النظام السابق يكون للشعب فيه حرية انتخاب رئيسه. وقد اعتبره المؤرخون سقوطاً للشيوعية في مهدها ، ونحن تفألنا بذلك في ذلك اليوم : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (الإسراء : ٨١).
ومن جملة اعترافات زعماء الشيوعية بأخطائهم ، اعتراف «غورباتشوف» ، زعيم الحزب الشيوعي السوفياتي ، في لقائه ل «البابا» يوحنا بولس السادس ، أنّ من أكبر أخطاء الشيوعيين كانت مكافحتهم للمذاهب ورجال الدين ، وأنّ عليهم أن يستعينوا بهم من الآن فصاعداً في إعمار البلاد!!.