نور القاهِر ـ أي نور العقل المفارق (١) ـ هو أيضاً نور حسيّ. وإذا أُطلق عنده نور الأنوار(٢) ، فهو يتصور أنّه نور حسيّ ، قال سبحانه : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣).
بل قلّما تجد إنساناً لا يخاف من ميّت مع علمه بأنّه جماد ، أو يخاف من الظلمة مع أنّها عدم محض لا تأثير له ، يقول الحكيم السبزواري :
يخاف من ميِّتٍ جمادٌ عادَلَه (٤) |
|
وَغَسَقٍ ، والسَّلْبُ لا تأثير له (٥) |
فإذا كان هذا دور القوة الواهمة في الحياة ، فكيف بها إذا وردت مجال العقليات. ولذا يلزم كل متحرٍ للحقيقة أن يفك عقله من إسارة الوهم ، ويعطي للوهم مجاله الخاص به ، وللعقل مجاله كذلك ، ولا يرخِّص للوهم أن يدخل في مجال العقل ومحيط العقليات.
__________________
(١) أي المجرّد.
(٢) أي الخالق تعالى.
(٣) النور : ٣٥.
(٤) أي والحال أنّ الميت يعادل الجماد
(٥) المنظومة قسم المنطق : ١٠٢. قال الشيخ الأستاذ دام ظله : «وقد كان سيدنا الأستاذ الإمام الخميني رحمهالله ، يمثّل لتمييز العلم عن الإيمان ، بهذا المثال ويقول بأنّ الخائف عالمٌ بأنّ الميت لا يضرّ ولكنه غير مؤمن بذلك ، ولو آمن لبات عنده بلا خوف. وهذا بخلاف الغسّال ، فإنّه ـ لكثرة ممارسته ـ عالم ومؤمن بأنّ الميت لا يضرّ شيئاً ، ولأجل ذلك يغسّله وحده ويبيت معه وحده».