ناعتة للغير (لغيره وهو موضوعه) : فالبياض عرض ، والأبيض هو الجوهر الّذي صار البياض ناعتاً له ؛ وبحكم أنّها موجودات إمكانية ، فهي قائمة بالغير (بغيره وهو علته).
٤. ما يكون وجوده في غيره ولغيره وبغيره. وهو ما لا يكون له مفهوم مستقل ، بل لا يتصوّر إلّا في ضمن الغير ، فإذا كان كذلك فأوْلى أن لا يكون في نفسه وبنفسه. وهذا كالمعاني الحرفية ، فإنّك إذا قلت : الماء في الإناء ، فالماء والإناء لهما مفهوماهما المستقلان ، ولكن المفهوم من لفظة «في» ، معنىً مُنْدَكٌّ وفانٍ في الطرفين ، فلا يمكن تصوُّره منفكّاً عن الماء والإناء ، ولذلك تُعَدُّ المعاني الحرفية أدنى مراتب الوجود.
وإلى هذه المراتب الوجودية الثلاث يشير الحكيم السبزواري بقوله :
إنَّ الوجودَ رابطٌ ورابطيّ |
|
ثَمَّتَ نَفْسيٌّ فهاكَ واضبِطِ (١) |
لأنّه في نفسه أَوْ لا ، |
|
وما في نفسه إما لنفسه سِما |
أو غَيْرِهِ ، والحَقُّ نحوُ أَيْسِهِ (٢) |
|
في نفسهِ ، لِنَفْسِهِ ، بِنَفْسِهِ (٣) |
وهناك قسم خامس يُعَبَّر عنه ب «الانتزاعيات» ، وهو أشبه ما يكون بالمعاني الحرفية ، ولكنه ليس منها. وهو عبارة عن المفاهيم الّتي ليس لها مصداق في الخارج ، ولكن الإنسان ينتقل إليها من تصور الخارج باعتبار اشتماله على حيثية واقعية قائمة بالموضوع ، وذلك كالفوقية والتحتيّة ، فإنهما وإن لم يكن لهما مصداق في الخارج ، بل الخارج متمحض في كونه مصداقاً لما هو فوق أو تحت ، ولكن هذا المصداق الخارجي ، باعتبار اشتماله على حيثية وجودية هي كونه مستعلياً على ما تحته ، يُنتزع منه مفهوم الفوقية ، أو كونه أسفل ما فوقه ، فينتزع منه مفهوم التحتية.
__________________
(١) «الرابط» هو المفاهيم الحرفية. و «الرابطي» اصطلاحٌ في الأعراض. و «النفسي» يطلق على الموجود لنفسه ، سواء أكان بنفسه أيضاً كالواجب ، او بغيره كالجواهر
(٢) أي نحو وجوده ، فإن «أيس» بمعنى الوجود ، في مقابل «ليس» بمعنى العدم.
(٣) المنظومة : ٦١ ـ ٦٢.