في فلسفته الوضعية (١). وجعلهما آخرون دائرين مدار النفع والضرر ، كما هو ملاحظ لدى الفيلسوف الأميركي «ويليام جيمس» (٢) في فلسفته البراجماتية (٣) وأخضعتهما النسبية الفلسفية (٤) وأصحابها للظروف الزمانية والمكانية المحيطة بالمدرك وللجهاز العصبي المسيطر على المدارك. وفي مقابل ذلك كلّه ، جعل الفلاسفة الإسلاميون لكل قضية واقعاً ، تصدق إذا طابقته ، وتبطل إذا خالفته.
وفي الباب الثاني يرى الإسلاميون أن المعارف البديهية هي الحجر الأساس لتشخيص وجود ملاك الحقيقة والوهم في كل قضية ، وتعيين المعرفة الصحيحة من الزائفة ، بينما يري «بيكون» (٥) في فلسفته الحسّية (٦) أنّ التجربة هي المعيار. وبديهي ـ حينئذٍ ـ أنّ كل ما لا يمكن تجربته ، لا يمكن معرفة صدقه أو بطلانه!. وجعلت الماركسية (٧) ومَنْ تأثّر بها ، الغلبة علامة الحق وآيته ، والهزيمة ملاك الباطل وعَلَمه.
وبعد هذا كلّه ، ألا ترى لكل راغب في ولوج ديار العلوم والمعرفة ، ضرورة طرق هذه الأبواب ، وحلّ هذه المسائل ، وتأسيس رأي قاطع فيها ، واتّخاذ موضع حاسم من الآراء الأُخرى المطروحة فيها؟.
هذا ما أخذناه على عاتقنا في هذا الكتاب إذ قمنا بتدوين مباحث حضرة الأُستاذ الكبير ، علّامة الفلسفة والكلام والإلهيات ، والتفسير والفقه وعلومه ، الشيخ الجليل جعفر السبحاني التبريزي وهو أشهر من أن أعرِّفه ، وآثاره تمخر شرق العالم وغربه. ولقد سعيت قدر المستطاع إلى صياغة المعاني بعبارات تقرّبها إلى الأفهام ،
__________________
(١)msivitisoP.
(٢)semaJ mailliW ، (١٨٤٢ ـ ١٩١٥ م).
(٣)msitamgarP.
(٤)msivitaleR.
(٥)mocaB sicnarF ، (١٥٦١ ـ ١٦٢٦ م).
(٦)msilausneS.
(٧)msixraM.