اللام ، والمعنى فلعلّه ، إي فلعلّ فاعل ذلك كبيرهم. وقد جرت عادة العرب بحذف اللّام الأولى من لعلّ فيقولون
علّ ، قال الشاعر (١) :
علّ صروف الدهر أو دولاتها |
|
تديلنا اللمّة من لمّاتها |
فتستريح النّفس من زفراتها |
أي لعلّ صروف الدهر.
وقال الآخر (٢) :
[تقول بنتى قد أنى إناكا] |
|
يا أبتا علّك أو عساكا |
تسقيني الماء الّذي سقاكا |
فإن قيل : فأيّ فايدة في أن يستفهم عن أمر يعلم إستحالته ، وأيّ فرق في المعنى بين القراءتين؟
قلنا : لم يستفهم ولا شكّ في الحقيقة ، وإنّما نبّههم بهذا القول على خطيئتهم في عبادة الأصنام ، فكأنّه قال لهم : إن كانت هذه الاصنام تضرّ وتنفع وتعطي وتمنع ، فلعلّها هي الفاعلة لذلك التكسير ؛ لأنّ من جاز منه ضرب من الأفعال جاز منه ضرب آخر ، وإذا كان ذلك الفعل الّذي هو التكسير لا يجوز على الأصنام عند القوم ، فما هو أعظم منه أولى بأن لا يجوز عليها وأن لا يضاف إليها ، والفرق بين القراءتين ظاهر ؛ لأنّ القراءة الأولى لها ظاهر الخبر ، فاحتجنا إلى تعليقه بالشرط ليخرج من أن يكون كذبا ، والقراءة الثانية تتضمّن حرف الشكّ والاستفهام ، فهما مختلفان على ما ترى.
فإن قيل : أليس قد روى بشر بن مفضّل ، عن عوف ، عن الحسن قال : «بلغني انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : انّ إبراهيم عليهالسلام ما كذب متعمدا قط إلّا ثلاث مرّات كلّهنّ يجادل بهنّ عن دينه ، قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) ، وإنما تمارض عليهم ؛
__________________
(١) لسان العرب ١٢ : ٥٤٧ وفيه أنشد الفراء.
(٢) وهو رؤبة بن العجاج ، راجع الكتاب ١ : ١٦٧ وقيل الشعر لأبيه ، راجع لسان العرب ١١ : ٤٦٧.