أبا عثمان ؛ أيّما أولى أن يستعمل في أسماء المحدثين من أمّتنا ما اتفق عليه أهل الفرق من أهل القبلة ، أو ما اختلف فيه؟ فقال عمرو : بل ما اتفقوا عليه أولى ، فقال له واصل : ألست تجد أهل الفرق على اختلافهم يسمّون صاحب الكبيرة فاسقا ، ويختلفون فيما عدا ذلك من أسمائه ؛ لأنّ الخوارج تسمّيه مشركا فاسقا ، والشيعة تسمّيه كافر نعمة فاسقا! قال سيّدنا الشريف المرتضى أدام الله علوّه : يعني بالشيعة الزّيدية ـ والحسن يسمّيه منافقا فاسقا ، والمرجئة (١) تسمّيه مؤمنا فاسقا؟ فاجتمعوا على تسميته بالفسق ، واختلفوا فيما عدا ذلك من أسمائه ، فالواجب أن يسمّى بالاسم الذي اتّفق عليه وهو الفسق ؛ لاتّفاق المختلفين عليه ، ولا يسمّى بما عدا ذلك من الأسماء التي اختلف فيها ، فيكون صاحب الكبيرة فاسقا ، ولا يقال فيه : إنّه مؤمن ولا منافق ، ولا مشرك ولا كافر نعمة ، فهذا أشبه بأهل الدين.
فقال له عمرو بن عبيد : ما بيني وبين الحقّ عداوة ، والقول قولك ، فليشهد عليّ من حضر أنّي تارك المذهب الذي كنت أذهب إليه ؛ من نفاق صاحب الكبيرة من أهل الصلاة ، قائل بقول أبي حذيفة في ذلك ، وأنّي قد اعتزلت مذهب الحسن في هذا الباب. فاستحسن الناس هذا من عمرو.
وقيل : إنّ اسم الاعتزال اختصّت به هذه الفرقة لاعتزالهم مذهب الحسن بن أبي الحسن في تسمية مرتكب الكبيرة من أهل الصلاة بالنفاق ؛ وحكي غير ذلك.
وقيل : إن قتادة بعد موت الحسن البصري كان يجلس مجلسه ، وكان هو وعمرو بن عبيد جميعا رئيسين متقدّمين في أصحاب الحسن ، فجرت بينهما نفرة ، فاعتزل عمرو مجلس قتادة ، واجتمع عليه جماعة من أصحاب الحسن ، فكان قتادة إذا جلس مجلسه سأل عن عمرو وأصحابه فيقول : ما فعل المعتزلة؟ فسمّوا بذلك.
قال سيّدنا الشريف المرتضى ذو المجدين أدام الله علوه : أمّا ما ألزمه واصل بن عطاء لعمرو بن عبيد أوّلا فسديد لازم ، وأمّا ما كلّمه به ثانيا فغير
__________________
(١) بعض النسخ : «المرجئة في القديم غير الذين لا يؤيدون العقاب ؛ بل هم الذين كان يؤخرون عليا عليهالسلام من غيره من الصحابة ؛ والإرجاء : التأخير».