وحدّ الكثير عندهم ما بلغ كرّا فصاعدا.
وحدّ الكرّ ما وزنه ألف ومائتا رطل بالرطل المدنيّ ، والرطل المدنيّ مائة وخمسة وتسعون درهما ...
دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً).
وقد علمنا أنّ الماء الكثير إذا خالطته نجاسة فلم يتغيّر أحد أوصافه ، لم يخرجه من أن يكون منزلا من السماء ومن أن يكون مستحقّا لهذا الوصف ، فيجب أن يكون الحكم المقترن بهذا الاسم (لازما له ما لزمه هذا الاسم).
وقد روى أصحاب الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا» (١).
وروت الشيعة الإمامية عن أئمّتها عليهمالسلام بألفاظ مختلفة ، ووجوه مختلفة : أنّ الماء إذا بلغ كرّا لم ينجّسه ما يقع فيه من نجاسة ، إلّا بأن يغيّر أحد أوصافه.
وأجمعت الشيعة الإماميّة على هذه المسألة (٢) ، وإجماعها هو الحجّة فيها.
وأمّا الكلام في تصحيح الحدّ الذي ذكرناه من الكرّ وتعيّنه بالأرطال ، فالحجّة في صحّته إجماع الإماميّة عليه وإجماعها هو الحجّة (٣).
[الثاني : قال الناصر رحمهالله :] «سؤر السّباع نجس».
الصحيح عندنا أنّ سؤر جميع البهائم من ذوات الأربع والطيور ـ ما خلا الكلب والخنزير ـ طاهر يجوز الوضوء به.
ويكره سؤر ما يأكل الجيف والميتة من هذه الجملة ، وكذلك يكره سؤر الجلّال ... دليلنا على كراهية سؤر ما ذكرناه وجواز الوضوء ، قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً).
وقوله تعالى : (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) ، وقد علمنا أنّ
__________________
(١) انظر النهاية ، ٤ : ١٦٢.
(٢) انظر الكافي ، ٣ : ٢ ح ٢.
(٣) الناصريات : ٦٨.