ضعيف الشبهة ؛ لأنا قد بيّنا فيما مضى أن هذه الإضافة لا تقتضي الملك وإنّما تقتضي السكنى ، والعادة في استعمال هذه اللفظة فيما ذكرناه ظاهرة قال الله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) ولم يرد تعالى إلّا حيث يسكنّ وينزلنّ دون حيث يملكن بلا شبهة ، وأطرف من كلّ شيء تقدم قوله : «إن الحسن عليهالسلام استأذن عائشة في أن يدفن في البيت حتّى منعه مروان وسعيد بن العاص» ؛ لأن هذه مكابرة منه ظاهرة ؛ فإن المانع للحسن من ذلك لم يكن إلّا عائشة ولعلّ من ذكر من مروان وسعيد وغيرهما أعانها ، واتبع في ذلك أمرها ، وروي أنّها خرجت في ذلك اليوم على بغل حتى قال ابن عبّاس : «يوما على بغل ويوما على جمل» فكيف تأذن عائشة وهي في ذلك مالكة للموضع على قولهم ، ويمنع منه مروان وغيره ممن لا ملك له في الموضع ، ولا شركة ولا يد ، وهذا من قبيح ما يرتكب ، وأي فضل لأبي بكر في روايته عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حديث الدفن ، وعملهم بقوله إن صح ، فمن مذهب صاحب الكتاب وأصحابه العمل بخبر الواحد العدل في أحكام الدين العظيمة ، فكيف لا يعمل بقول أبي بكر في الدفن ، وهم يعملون بقول من هو دونه فيما هو أعظم من ذلك وهذا بيّن (١).
[الثالث : ربّما تعلقوا بقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) إلى آخر الآية وقالوا :] إن ذلك يدل على عصمتهم ، وبعدهم من الضلال والخطأ ، فإذا صحّ ذلك فيجب أن يكون الإمام فيهم دون غيرهم ممن لم يثبت له العصمة ثمّ قال : «وهذا أبعد ممّا تقدّم ؛ لأنّه إنّما يدلّ على أنه جلّ وعزّ يريد أن يطهرهم ويذهب الرجس عنهم ، ولا يدلّ على أن ما أراده ثابت فيهم ، فكيف يستدلّ بالظاهر على ما ادّعوه فقد صحّ أن الله تعالى يريد تطهير كل المؤمنين (٢) وإزالة الرجس عنهم ؛ لأنّه متى لم نقل بذلك أدى إلى أنه تعالى يريد خلاف التطهير بالمؤمنين وبعد فليس يخلو من
__________________
(١) الشافي في الإمامة وإبطال حجج العامّة ، ٤ : ١٧٠.
(٢) في المغني «أن يطهر كلّ مؤمن».