(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) إلى قوله : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) فجعل النكاح بلفظ الهبة من جملة ما خص الله تعالى به نبيّه عليهالسلام ، فثبت أنّه مخصوص بذلك.
وليس لأحد أن يحمل قوله تعالى : (خالِصَةً لَكَ) على أنّ المراد به سقوط المهر.
وذلك أنّ الكناية بقوله : (خالِصَةً لَكَ) يجب رجوعه إلى مذكور متقدّم ، والذي تقدّم ذكره هو الموهوبة وقبول نكاحها دون سقوط المهر ، فيجب عود الكناية إلى ما ذكرناه.
وليس لأحد أن يقول : لفظ الهبة يقتضي سقوط البدل ، فقوله : (وَهَبَتْ نَفْسَها) يقتضي سقوط المهر ، وتعود الكناية إليه ، وذلك أنّ الكناية يجب عودها إلى اللفظ دون المعنى ، على أنّا نحمل الكناية على أنّها عائدة إلى الأمرين فلا تنافي بينهما ، ويقف مجمل الكناية على ما ذكرتم لا يفيد تخصيص النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بما ليس لغيره ؛ لأنّ غيره قد ينكح بلا مهر ، وهو العبد إذا زوّجه سيده بأمته ، فإنّ المهر لا يجب هاهنا في الابتداء والانتهاء.
وليس له أن يقول : إنّ المراد ب «خالصة لك» أنّك إذا قبلت نكاحها صار خالصا لك.
وذلك أنّ هذا التأويل يبطل أيضا الاختصاص ؛ لأنّ غير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا تزوّج امرأة خلصت له دون كل أحد.
وأيضا ؛ فإنّه لا خلاف في أنّ النكاح ينعقد بما ذهبنا إليه من اللفظ ، فمن ادعى أنّه ينعقد بزائد على ذلك فقد ادّعى شرعا يزيد على ما أجمعنا عليه فتلزمه الدلالة دوننا.
فإن تعلّق المخالف بما روي : من أنّ امرأة جاءت إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : يا رسول الله إني قد وهبت لك نفسي.
فقال عليهالسلام : «ما لي في النساء من حاجة».
فقام إليه رجل فقال : زوّجنيها يا رسول الله.