ظاهرة ، فكيف إذا كانت ضعيفة واهية؟ والّذي يدلّ على ما ذكرناه على سبيل الجملة أنّ الله تعالى ابتدأ الآية بمدحه وتعريفه والثناء عليه ، فقال : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ، وليس يجوز أن يثني عليه بهذا الثناء ثمّ يتبعه من غير فصل بإضافة القبيح إليه ، وانّه تلهى بعرض الخيل عن فعل المفروض عليه من الصلاة والذي يقتضيه الظاهر أنّ حبّه للخيل وشغفه بها كان بإذن ربّه وبأمره وتذكيره إياه ؛ لأنّ الله تعالى قد أمرنا بإرباط الخيل وإعدادها لمحاربة الأعداء ، فلا ينكر أن يكون سليمان عليهالسلام مأمورا بمثل ذلك. فقال : (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) ، ليعلم من حضره أنّ اشتغاله بها وإستعداده لها لم يكن لهوا ولا لعبا ، وإنّما اتّبع فيه أمر الله تعالى وآثر طاعته.
وأمّا قوله : (أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) ففيه وجهان :
أحدهما : أنّه أراد أنّي أحببت حبّا ثمّ أضاف الحبّ إلى الخير.
والوجه الآخر : أنّه أراد أحببت اتّخاذ الخير. فجعل بدل اتّخاذ الخير «حبّ الخير».
فأمّا قوله تعالى : (رُدُّوها عَلَيَ) فهو للخيل لا محالة على مذهب سائر أهل التفسير.
فأمّا قوله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) ، فإنّ أبا مسلم محمد بن بحر وحده قال : إنّه عائد إلى الخيل دون الشمس ؛ لأنّ الشمس لم يجر لها ذكر في القصة. وقد جرى للخيل ذكر فردّه إليها أولى إذا كانت له محتملة.
وهذا التأويل يبرّىء النبي عليهالسلام عن المعصية.
فأمّا من قال : إنّ قوله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) كناية عن الشمس ، فليس في ظاهر القرآن أيضا على هذا الوجه ما يدلّ على أنّ التواري كان سببا لفوت الصلاة ، ولا يمتنع أن يكون ذلك على سبيل الغاية لعرض الخيل عليه ثمّ استعادته لها.
فأمّا أبو عليّ الجبّائيّ وغيره ، فإنّه ذهب إلى أنّ الشمس لمّا توارت