الجواب :
إعلم أنّ النائب من غيره في الحجّ يجب أن يكون نيته من جهة إلى الوجه الذي قصده بالحجّة ، فإن حجّتها عمّن وجب عليه الحجّ ، فيجب أن يكون بنيّة منصرفة إلى هذا الوجه ، وكذلك إن كان تطوّعا عن غيره ، نوى بها التطوّع عن ذلك الغير. ولذلك يجب أن يسمّي من أحرم عنه في بيته.
وليست هذه الحجّة بواجبة على المسببّات ، حتى يقال : كيف يكون نائبا عن غيره بفعل واجب عليه في نفسه. اللهم إلّا أن يفرض أنّه ولي الميت وجب عليه الحجّ فلم يحجّ ؛ فإنّ الولي يجب عليه عندنا أن يحجّ عنه ، وينوي بهذه الحجّة ما كان واجبا على الميت ، فهذا الموضع الذي يتعيّن فيه النيابة يكون الحجّ واجبا على النائب ، وينوي بالحجّة إيقاعها عن الميت وإسقاط حقّ النيابة عن ذمّته ، فالواجب على زيد وإن لم يكن جهة (١) وجوبه لها تعلّق بعمرو.
فكأنّه قيل لهذا الولي : يجب عليك إذا مات موليك وله حجّة أن تحجّ أنت عنه ، فجهة الوجوب مختصّة بالنائب ، ولها تعلّق بالميّت من حيث كان تفريطه في الحجّ سببا لوجوب الحجّة الثابتة على وليّه.
فأمّا ثواب هذه الحجّة ، فإن كان الميت وصىّ بها وأمر بأن يحجّ عنه ، كان الثواب مقسما بينه وبين النائب ؛ وإن لم يكن كذلك ، فالثواب ينفرد به الفاعل فلم نخرج بهذا التفصيل من الحكم العقلي ، ولا من ظاهر قوله : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٢).
__________________
(١) كذا والظاهر «وان كان جهة».
(٢) الرسائل ، ٢ : ٣٥٩.