جعل العود هو البقاء على النكاح فقد جعله عائدا عقيب القول بلا تراخ ، وذلك بخلاف مقتضى الآية.
وأمّا الكلام على من ذهب إلى أنّ العود هو أن يعيد القول مرّتين فإجماع السلف والخلف قد تقدم على خلاف هذا القول ، ومن جدّد خلافا قد سبقه الإجماع لم يلتفت إلى خلافه.
فإن قال : إنّما قلت ذلك لأنّه تعالى قال : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) ، فظاهر ذلك يقتضي العود في القول ، لا في معناه ومقتضاه.
قلنا : أمّا الظاهر فلا يدلّ على قول من ذهب إلى أنّ العود هو إعادة القول مرّتين ، لأنّه تعالى قال : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) الظاهر يقتضي العود في نفس القول لا في مثله ، وإنّما يضمر من ذهب إلى هذا المذهب لفظة المثل ، وليست في الظاهر ، فقد عدل عن الظاهر لا محالة ، ومن حمله على ما ذكرناه فقد فعل الأولى ، لأنّ الظهار إذ اقتضى تحريم الوطء فمن آثر رفع هذا التحريم واستباحة الوطء فقد عاد فيما قاله ، لأنّه قال ما اقتضى تحريمه وعاد يرفع تحريمه ؛ فمعنى يعودون لما قالوا أي : يعودون للقول فيه كقوله عليهالسلام : «العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه» وإنّما هو عائد في الموهوب لا الهبة.
وكقوله : «اللهم أنت رجاؤنا» أي مرجوّنا.
وقال تعالى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (١) يعني الموقن به.
وقال الشاعر :
وإنّي لأرجوكم على بطء سعيكم |
|
كما في بطون الحاملات رجاء (٢) |
يعني مرجوّا (٣).
[الثالث :] وممّا ظنّ إنفراد الإمامية به القول : بأنّ من ظاهر ، ثمّ جامع قبل
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية : ٩٩.
(٢) أحكام القرآن (للجصّاص) ، ٥ : ٣٠٤.
(٣) الناصريات : ٣٥٦.