وذهب مالك ، وأحمد إلى أنّ العود هو العزم على الوطء (١).
وذهب الحسن ، وطاووس ، والزهري إلى أنّ العود هو الوطء (٢).
وذهب داود إلى : أنّ العود هو تكرار لفظ الظهار (٣).
وذهب مجاهد إلى أن الكفّارة تجب بمجرّد الظهار ، ولا يعتبر العود (٤).
والدليل على بطلان قول مجاهد : إنّ الله تعالى جعل العود شرطا في وجوب الكفّارة ، فقال تعالى : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) فشرط العود فمن أسقطه أسقط نصف الآية.
وأمّا الذي يبطل مذهب مالك وأحمد في أنّ العود هو العزم على الوطء : فهو أنّ موجب الظهار هو تحريم الوطء لا تحريم العزيمة ، فيجب أن يكون العود هو الاستباحة ، ولا يكون العود هو العزيمة ، على أنّ العزيمة لا تأثير لها في سائر الاصول ولا تتعلّق بها الأحكام ولا وجوب الكفّارات ، ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ الله تعالى عفا لامّتي عمّا حدّثت به نفوسها ما لم يتكلّموا به ، أو يعملوا به» (٥).
وأمّا الذي يدلّ على فساد قول من ذهب إلى أنّ العود هو الوطء : فهو ظاهر الكتاب ، لأنّ الله تعالى قال : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فلو كان العود هو الوطء لما أمر بإخراج الكفّارة قبله.
فأمّا الذي يبطل مذهب الشافعي في أنّ العود هو إمساكها على النكاح : فهو أنّ الظهار لا يوجب تحريم العقد وترك الفرقة وإمساك المرأة ، فيكون العود هو إمساكها على النكاح ، لأنّ العود إنّما يقتضي الرجوع إلى أمر يخالف موجب الظهار ، فدّل ذلك على أنّ العود هو استباحة الوطء ورفع ما حرّمه الظهار منه.
وأيضا قوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) ولفظ «ثمّ» يقتضي التراخي ، فمن
__________________
(١) المغني (لابن قدامة) ، ٨ : ٥٧٥.
(٢) نفس المصدر.
(٣) نفس المصدر : ٥٧٦.
(٤) حلية العلماء ، ٧ : ١٧٣.
(٥) أحكام القرآن (للجصّاص) ، ٥ : ٣٠٥.