[الثاني :] وممّا إنفردت به الإمامية : أنّ تعليق الطلاق بجزء من أجزاء المرأة ـ أيّ جزء كان ـ لا يقع فيه الطلاق ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ... دليلنا على ما ذهبنا إليه ـ بعد إجماع الطائفة ـ أنّ تعليق الطلاق ببعضها ليس من الألفاظ المشروعة في الطلاق فيجب أن لا يقع ، وأيضا فانّ الطلاق حكم شرعي ، وقد ثبت أنّه إذا علّقه بها وكملت الشرائط وقع ، ولم يثبت أنّه إذا علّقه ببعضها وقع ، والحكم الشرعي يجب نفيه بانتفاء دليل شرعي عليه.
وممّا يمكن أن يستدلّ به قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) فجعل الطلاق واقعا بما يتناوله إسم النساء ، واليد والرجل لا يتناولهما هذا الاسم بغير شبهة ، وفرق أبو حنيفة بين الرقبة والرأس والفرج وبين اليد والرجل ، لأنهم يقولون عنده كذا وكذا رأسا من العبيد والاماء وكذا كذا رقبة وكذا كذا فرجا ، غير صحيح ؛ لأنّ جميع ما ذكروه مجاز واستعارة ، وكلامنا على الحقائق ؛ ولأنّ اليد قد يعبّر بها أيضا عن جميع البدن ؛ لأنّهم رووا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «على اليد ما أخذت حتى تردّه» (١) وأراد به الجملة وقال الله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (٢) ، وقال تعالى : (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٣) وإنما أراد الجملة دون البعض.
[الثالث :] وممّا انفردت به الإمامية القول : بأنّ الطلاق في الحيض لا يقع ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك (٤) وذهبوا إلى وقوعه إلّا ابن عليّة ، فأنّه روي عنه أنّ الطلاق في الحيض لا يقع (٥).
والحجة لنا ـ بعد إجماع الطائفة ـ : أنّه لا خلاف في أنّ الطلاق في الحيض بدعة ومعصية ، وإن اختلف في وقوعه ؛ لأنّ الله تعالى قال : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) (٦) وفسّروا ذلك بالطهر الذي لا جماع فيه ، وإذا ثبت أنّ الطلاق في
__________________
(١) سنن ابن ماجة ، ٢ : ٨٠٢ ح ٢٤٠٠.
(٢) سورة المسد ، الآية : ١.
(٣) سورة الشورى ، الآية : ٣٠.
(٤) نيل الأوطار ، ٦ : ٢٢١ ، ٢٢٦.
(٥) نيل الأوطار ، ٦ : ٢٢٤.
(٦) سورة الطلاق ، الآية : ١.