اشتراطه؟ فكذلك إذا استقلّ مشروطا بشيء لا خلاف فيه ، فلا يجب تجاوزه ولا تخطيّه إلى غيره (١).
[الثاني :] وممّا يظنّ أنّ الإمامية مجتمعة عليه ، ومنفردة به القول : بأنّ عدّة الحامل المطلّقة أقرب الأجلين ، وتفسير ذلك أنّ المطلقة إذا كانت حاملا ، ووضعت قبل مضي الاقراء الثلاثة فقد بانت بذلك ، وإن مضت الاقراء الثلاثة قبل أن تضع حملها بانت بذلك أيضا.
وقد بيّنا في جواب المسائل الواردة من أهل الموصل الفقهية (٢) أنّه ما ذهب جميع أصحابنا إلى هذا المذهب ، ولا أجمع العلماء منا عليه ، وأكثر أصحابنا يفتي بخلافه ، ويذهب إلى أنّ عدّة من ذكرنا حالها وضعها الحمل ، وإنّ من ذهب إلى خلاف ما نصرناه إنّما عوّل على خبر يرويه زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليهالسلام (٣) وقد بيّنا أنّه ليس بحجة توجب العلم ، وسلّمناه مع ذلك ، وتأوّلناه واستوفينا هناك من الكلام ما لا طائل في إعادته هاهنا (٤) ، وفي الجملة : إذا كانت هذه المسألة ممّا لا يجمع أصحابنا عليها ويختلفون فيها (٥) ، فهي خارجة عمّا بنينا هذا الكتاب عليه.
فإن قيل : فما حجّتكم على كلّ حال على أنّ عدة المطلقة إذا كانت حاملا هي وضعها للحمل دون الاقراء؟ فان إحتججتم بقوله تعالى : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) (٦) عورضتم بعموم قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (٧).
فالجواب عن ذلك : أنّه لا خلاف بين العلماء في أنّ آية وضع الحمل عامة في المطلّقة وغيرها ، وأنّها ناسخة لما تقدّمها ، وممّا يكشف عن ذلك أنّ قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي
__________________
(١) الانتصار : ١٤٥.
(٢) الرسائل ، ١ : ١٨٦.
(٣) من لا يحضره الفقيه ، ٣ : ٥٠٩ ح ١.
(٤) لمّا كانت المسألة المذكورة مشتملا على تحليل روائي بحت لم نذكره.
(٥) مختلف الشيعة ، ٧ : ٤٩٧ و ٤٩٨.
(٦) سورة الطلاق ، الآية : ٤.
(٧) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨.