التي في لفظة «مولاه» هو الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولو اقتصر صاحب الكتاب في إبطال دلالة الآية على النصّ على ما ذكرناه لكفاه ولاستغنى عن غيره.
وإنّما يعتمد أصحابنا هذه الطريقة من الآية في الدلالة على فضل أمير المؤمنين عليهالسلام وتقدّمه وعلوّ رتبته ، فإن جعل لها تعلّق بالنصّ على الإمامة من حيث دلّت على الفضل المعتبر فيها وكان الإمام لا يكون إلّا الأفضل جاز ، وذلك لا يخرجها من أن يكون غير دالة بنفسها على الإمامة ، بل يكون حكمها في الدلالة على الفضل حكم غيرها من الأدلّة عليه وهي كثيرة ، وربما استدل أصحابنا بهذه الآية على سوء طريقة المرأتين اللتين توجه العتب إليهما ، واللوم في الآية ، ويذكرون في السر الذي أفشته إحداهما إلى صاحبتها خلاف ما يذكره المخالفون ، والطريقة لنصرة هذا الوجه معروفة ، ولو لا أن الموضع لا يقتضيها لبسطناها ضربا من البسط.
فأما وجه دلالة الآية على الفضل والتقدّم فواضح ؛ لأنّه قد ثبت بالخبر الذي اشتركت في روايته رواة الخاصة والعامة أن «صالح المؤمنين» المذكور في الآية هو أمير المؤمنين عليهالسلام ، وليس يجوز أن يخبر الله تعالى أنه ناصر رسوله إذا وقع التظاهر عليه بعد ذكر نفسه تعالى وذكر جبرئيل عليهالسلام إلّا من كان أقوى الخلق نصرة لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمنعهم جانبا في الدفاع عنه ، ولا يحسن ولا يليق بموضوع الكلام ذكر الضعيف النصرة ، والمتوسط فيها ألا ترى أن أحد الملوك لو تهدّد بعض أعدائه ممن ينازعه سلطانه ويطلب مكانه ، فقال : «لا تطمعوا فيّ ولا تحدّثوا نفوسكم بمغالبتي ، فإن معي من أنصاري فلانا وفلانا» ؛ فإنه لا يحسن أن يدخل في كلامه إلّا من هو الغاية في النصرة ، والمشهور بالشجاعة ، وحسن المدافعة؟
فأمّا ما حكاه عن أبي مسلم من أن المراد بصالح المؤمنين الجميع وسقطت الواو كما سقطت من قوله : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) (١) فما قاله جائز
__________________
(١) سورة القمر ، الآية : ٦.