وحدّثني أصحابه أنّ مالكا |
|
جواد بما في الرّحل غير بخيل |
وحدّثني أصحابه أنّ مالكا |
|
خفيف على الحدّاث غير ثقيل |
وحدّثني أصحابه أنّ مالكا |
|
صروم كماضي الشّفرتين صقيل |
وهذا المعنى أكثر من أن نحصيه. وهذا هو الجواب عن التكرار في سورة المرسلات بقوله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١).
فإن قيل : إذا كان الذي حسّن التكرار في سورة الرحمن ما عدّده من آلائه ، ونعمه فقد عدّد في جملة ذلك ما ليس بنعمة ، وهو قوله : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) (٢) ، وقوله : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤)) (٣). فكيف يحسن أن يقول بعقب هذا : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وليس هذا من الآلاء والنعم؟
قلنا : الوجه في ذلك أنّ فعل العقاب وان لم يكن نعمة فذكره ووصفه والإنذار به من أكبر النعم ، لأنّ في ذلك زجرا عمّا يستحقّ به العقاب وبعثا على ما يستحقّ به الثواب ، فإنّما أشار بقوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ، بعد ذكر جهنم والعذاب فيها إلى نعمة بوصفها والإنذار بعقابها ، وهذا ممّا لا شبهة في كونه نعمة (٤).
__________________
(١) سورة المرسلات ، الآية : ١٥.
(٢) سورة الرحمن ، الآية : ٣٥.
(٣) سورة الرحمن ، الآيتان : ٤٣ ، ٤٤.
(٤) الأمالي ، ١ : ١٣٨.