الطريقة ، فلما أنكروا ما جاءت به من الولد ، وظنّوا بها ما هي مبرأة منه نسبوها إلى هذا الرجل تشبيها وتمثيلا ؛ وكان تقدير الكلام : يا شبيهة هارون في فسقه وقبح فعله ؛ وهذا القول يروى عن سعيد بن جبير.
ومنها : أن هارون هذا كان أخاها لأبيها دون أمّها ؛ وقيل : إنّه كان أخاها لأبيها وأمها ، وكان رجلا معروفا بالصلاح وحسن الطريقة والعبادة والتألّه.
وقيل : إنّه لم يكن أخاها على الحقيقة ؛ بل كان رجلا صالحا من قومها ، وإنّه لما مات شيّع جنازته أربعون ألفا ، كلّهم يسمّى هارون ، من بني إسرائيل ، فلمّا أنكروا ما ظهر من أمرها قالوا لها : (يا أُخْتَ هارُونَ) ؛ أي يا شبيهته في الصلاح ، ما كان هذا معروفا منك ، ولا كان والدك ممّن يفعل القبيح ، ولا تتطرّق عليه الرّيب!.
وعلى قول من قال إنّه كان أخاها يكون معنى قولهم : إنّك من أهل بيت الصلاح والسداد ؛ لأنّ أباك لم يكن امرأ سوء ، ولا كانت أمك بغيّا ، وأنت مع ذلك أخت هارون المعروف بالصلاح والعفة ، فكيف أتيت بما لا يشبه نسبك ، ولا يعرف من مثلك!.
ويقوّي هذا القول ما رواه المغيرة بن شعبة قال : لمّا أرسلني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أهل نجران قال لي أهلها : أليس نبيّكم يزعم أن هارون أخو موسى ، وقد علم الله تعالى ما كان بين موسى وعيسى من السنين! فلم أدر ما أردّ عليهم حتى رجعت إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فذكرت ذلك فقال لي : «فهلّا قلت إنّهم كانوا يدعون بأنبيائهم والصالحين قبلهم»!.
ومنها : أن يكون معنى قوله : (يا أُخْتَ هارُونَ) يا من هي من نسل هارون أخي موسى ؛ كما يقال للرجل : يا أخا بني تميم ، ويا أخا بني فلان.
وذكر مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : (يا أُخْتَ هارُونَ) [قال : روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «هارون الذي ذكروه هو هارون أخو موسى عليهماالسلام».
قال مقاتل : تأويل] (يا أُخْتَ هارُونَ) يا من هي من نسل هارون كما قال