لأن يقتدى به فكيف يليق لأن يعهد إليه منصب إمامة الناس وتعهد الرعية ، وإرشادهم إلى الصلاح ، وكف الظلم عنهم. فاجتماعهما في شخص من قبيل اجتماع النقيضين ، والتنافي بين الإمامة وبين صرف وجود الظلم واضح. ولا يعدو عن كونه أمرا فطريا وحكما عقليا يجري عليه عامة النّاس في شؤونهم الدنيوية ، فمنصب الإمامة كالنبوة من هذه الجهة في أنهما لا تعهدان إلى الظالم ، وأن الظلم ينافي العصمة التي دلت الأدلة العقلية على اعتبارها فيها.
وظاهر الآية المباركة أن صرف وجود الظلم يكون مانعا ، وأن التلبس به يخرجه عن القابلية لهذا المنصب بسبب النقص الحاصل فيه ، والناس بالنسبة إلى الظلم وعدمه على أربعة أقسام :
الأول : من اتصف بالطاعة والارتباط مع الله تعالى من أول عمره إلى آخر ارتحاله.
الثاني : من اتصف بالظلم والمخالفة كذلك.
الثالث : من يكون مثل الأول في أول عمره ، ومثل الثاني في آخر عمره.
الرابع : من يكون مثل الثاني في أول عمره ، ومثل الأول في آخر عمره.
ولا يليق بمنصب الغيب المكنون ، والسر المصون والإمامة العظمى إلّا الأول ، وإنّ إطلاق الآية الشريفة ينفي بقية الأقسام. كما أن إطلاقها يشمل جميع أقسام الظلم سواء كان شركا أو غيره. وما ورد في بعض الأخبار أنه عبادة الصنم إنما هو من التطبيق على بعض المصاديق.
ومما تقدم يعلم أنه لا حاجة إلى إدخال المقام في مسألة المشتق المعنونة في الكتب الأدبية والأصولية وأطيل القول فيها من أنه لو كان المشتق حقيقة في الأعم من المتلبس بالمبدأ وما انقضى عنه المبدأ ، فلا يليق بالإمامة من ظلم ثم تاب ، وأما إذا كان حقيقة في خصوص المتلبس فقط فلا يصح الاستدلال بالآية المباركة بالنسبة إلى من تاب وآمن.
فإنه لا ربط للآية المباركة بمسألة المشتق ، وإنّ سياق الآية الشريفة كما