أموره الدينية والدنيوية ولم يختلف أحد في ذلك وإنما الخلاف في أمور أخرى ذكرها العلماء في مبحث الإمامة في الكتب الكلامية والحديثية ، وغيرهما حتّى ألّفوا فيها كتبا ورسائل مستقلة. والمتأمل في المجموع يعترف أن جملة كثيرة منها أقرب إلى الأغراض الجزئية من المباحث العلمية.
وبعد التدبر في مجموع الآيات المباركة والروايات يظهر أن الإمامة ـ كالنبوة ـ فتارة : يبحث فيها عن الإمامة العامة الشاملة لإمامة إبراهيم وموسى ، وعيسى ، ومحمد (عليهمالسلام). وأخرى : عن الإمامة الخاصة.
أما الأولى فهي كالنبوة العامة فإنها وإن كانت من جهات التشريع لكن لها دخل في نظام التكوين أيضا ، فإن تكميل النفوس الناقصة بالمعارف الحقة الواقعية من أهم جهات التكوين ، ولا يتم ذلك إلّا بإرسال الرسل وبعث الأنبياء وإنزال التشريعات الإلهية ، وجعل التشريع بلا وجود قوة مجرية لغو ، وهو قبيح بالنسبة إليه عزوجل.
فالإمامة هي القوة المجرية لجهات التشريع السماوي فيجب لطفا عليه تعالى جعل الإمام وهذه القاعدة تجري في الإمامة الخاصة أيضا ولا يكفي في القوة المجرية مجرد العقل والعقلاء فإنه لا بد فيهما من التقرير بالحجة الظاهرة ومع غلبة النفس الأمّارة والأهوية الشيطانية كيف يصلح أن يكون العقل والعقلاء قوة مجرية لوحي السماء.
ولا يخفى أن ذلك من حكمة نصب الإمام لا أن يكون من العلة التامة وإلّا فإن الإمامة شيء واقتضاء الظروف والحالات وسائر الجهات لكونه قوة مجرية لوحي السماء شيء آخر لا ربط لأحدهما بالآخر.
يضاف إلى ذلك أن التشريع الذي يقتضي سعادة الإنسان والمتكفل لجميع جوانب الحياة الإنسانية في الدنيا والآخرة لا بد أن يستند إلى الله تعالى رب السموات والأرض ، أو عقل من ملكوته الأعلى وإلّا فلا يكون التشريع جامعا أو نظاما إنسانيّا لكثرة ما نراه من اختلاف آراء الناس بالفطرة ، وقد قال تعالى : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٧١] فإذا كان حدوث التشريع من قبل الله تعالى على