ويدل عليه أيضا قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) [سورة النساء ، الآية : ١١٠].
الثاني : الأخبار الكثيرة الدالة على لزوم قبول التوبة ، ففي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) انه قال : «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» ، وفي الخبر عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليهالسلام) قال : «يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له ، فليعمل لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة أما والله إنها ليست إلّا لأهل الإيمان. قلت : فان عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟ قال (عليهالسلام) : يا محمد ابن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثم لا يقبل الله توبته؟!! قلت : فانه فعل ذلك مرارا ، يذنب ثم يتوب ويستغفر ، فقال : كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإنّ الله غفور رحيم يقبل التوبة ويعفو عن السيئات ، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله».
وروى ابن بابويه في ثواب الأعمال عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «أوحى الله إلى داود النبي (عليهالسلام) : يا داود إن عبدي المؤمن إذا أذنب ذنبا ثم رجع وتاب من ذلك الذنب واستحيا منّي عند ذكره ، غفرت له ، وأنسيته الحفظة ، وأبدلته الحسنة ولا أبالي وأنا ارحم الراحمين» والروايات في ذلك كثيرة.
الثالث : يمكن الاستدلال عليه بالدليل العقلي أيضا وهو أن الإنسان السائر في مسير الاستكمال الأبدي الذي هو أشرف موجودات هذا العالم بل لم يخلق العالم إلّا لأجله ومع ذلك فهو ضعيف كما قال تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [سورة النساء ، الآية : ٢٨] ، قرين النفس الأمارة ومحاط بالشهوات المادية ، والشيطان يحوط به إحاطة العروق بالدم وجميع ذلك له دخل في نظام التكوين والتشريع كما ثبت بالبراهين القطيعة في الفلسفة العملية. وحينئذ فلو كان صرف وجود العصيان مانعا دائميا عن إفاضة المبدإ القيوم فيضه عليه لزم تعطيل أعظم المخلوقات عما خلق له ، وهو قبيح والقبيح محال بالنسبة اليه عزوجل ، فيحسن قبول التوبة منه تعالى ، ويرشد إلى ذلك ما في بعض القدسيات : «بمعصية ابن آدم عمرت العالم» ومنه يظهر سر