للرحمة ، ومفردا يكون للعذاب في ما إذا كان من فعله ، قال تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) [سورة فصلت ، الآية : ١٦].
وتصريف الرياح تغييرها وتبديلها وتوجيهها بإرادة الله تعالى ، فإن في ذلك دخلا في بقاء النبات والحيوان بل في حياة الإنسان من حيث المرض والصحة ، وكدورة النفس وصحوتها ، كما أثبته العلم الحديث.
وقد ذكر العلماء أن الرياح على طبايع مختلفة ، منها : الصبا ومحلها من مطلع الشمس ، والجدي عند الاعتدال ، والشمال من الجدي الى مغرب الشمس ، والدبور من سهيل إلى مغربه ، والجنوب من مطلع الشمس إلى مغربها.
ومنها الأعاصير ، والملقحة للنبات ، والعقيمة ، والمتناوحة التي تهب من كل ناحية ، ومنها الإستوائية الدافئة ، والقطبية الباردة ، والموسمية ، والتجارية التي تجري بها السفن ، ومنها الهادئة التي تمنع خطر العواصف.
كل هذه الأقسام تجري وتهب وفق الإرادة الأزلية وبحسب الحكمة والنظام مما يدل على حكمة صانعها ورحمة مدبرها ومنّه على خلقه.
قوله تعالى : (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) السحاب الغيم ، سواء كان فيه الماء أم لا والفرق يستفاد من القرائن وسمي به إما لجر الريح له ، أو لجريان الماء منه ، أو لانجراره من محل إلى محل آخر بتسخير الله تعالى له ، والتسخير التذليل بأمر المسخر.
وتسخير السحاب فهي الجو واعتراضه بين السماء والأرض وجريانه إنما يكون بحسب قواعد علمية ثابتة قد كشف العلم الحديث بعضا منها ، وتوجيه هذا السحاب وتنظيمه بأحسن نظام فيه الدلالة الواضحة على ربوبيته العظمى ورحمته الواسعة.
قوله تعالى : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). الآيات جمع آية وهي العلامة الظاهرة ، أي : أن كل واحد من الأمور السابقة والظواهر الكونية المنتظمة بأحسن نظام والمتحركة وفق الإرادة الأزلية التي اقتضت أن تسير هذه الأمور بحسب قواعد علمية ثابتة متقنة لم يتنبه الإنسان إليها إلّا بعد مرور قرون