والمراد بالأدلة كلما يمكن أن يستدل به على الربوبية وهي كثيرة ويمكن حصر أنواعها في ثلاثة : دلالة الذات على الذات ، كما قال (عليهالسلام) : «يا من دل على ذاته بذاته». ودلالة المخلوقات عليه ، كما هو المتعارف في القرآن الكريم كما مر والسنة الشريفة ، والأدلة العقلية الدالة على إثبات العلة بمعلولها. ودلالة المعاد وجزاء الأعمال عليه تبارك وتعالى لما مر مكررا من إثبات الملازمة بين المبدأ والمعاد. وسيأتي الكلام فيها في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى.
في الخصال والمعاني والتوحيد عن شريح بن هاني قال : «إنّ أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (عليهالسلام) فقال : يا أمير المؤمنين أتقول : ان الله واحد؟ قال : فحمل النّاس عليه وقالوا : يا أعرابي ما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسيم القلب؟ فقال أمير المؤمنين : دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ؛ ثم قال : يا أعرابي إن القول في ان الله واحد على أربعة أقسام : فوجهان منها لا يجوزان على الله عزوجل ، ووجهان يثبتان فيه. فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل : واحد يقصد به باب الأعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأن من لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد ، أما ترى أنه كفر من قال ثالث ثلاثة. وقول القائل الواحد من الناس يريد به النوع من الجنس ، فهذا ما لا يجوز عليه لأنّه تشبيه جلّ ربنا عن ذلك وتعالى. وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل : هو واحد ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربنا. وقول القائل : إنه ربنا أحدي المعاني ، يعني به إنه لا ينقسم في وجوده ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عزوجل».
أقول : هذا الحديث مما يدل على أن اطلاق الصفات عليه تعالى وعلى غيره ليس بالاشتراك المفهومي كما فصلناه قبل ذلك ويأتي إن شاء الله تعالى.
في الكافي عن أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثاني (عليهالسلام) في معنى الواحد قال (عليهالسلام) : «إجماع الألسن عليه بالوحدانية كقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ)».
أقول : روى مثله ابن بابويه والمراد من الحديث اتفاق الأنبياء ومن