التعرض لمسألة الخلود والبحث فيها مفصلا. وفي المقام نتعرض للقسر فنقول :
القسر في اللغة هو القهر فيشمل كل إعاقة للفرد أو النوع وقهره عن مطلوبه وغايته ، والمراد به عند الفلاسفة إيجاد المانع عن وصول الممكن إلى كماله اللائق به في سيره الاستكمالي في عالم الكون والفساد الذي هو عالم الاستكمال ، مع أنّ مقتضى الحكمة والعناية إيصال كل ممكن إلى المطلوب والغاية.
ويستفاد من ذلك أن القسر إنما يكون بإيجاد المانع عن إجراء قانون المقتضي (بالكسر) والمقتضى (بالفتح) في أفعال الإنسان وغاياته ولا يختص بخصوص الإنسان بل يجري في كل مقتض بالنسبة إلى مقتضاه في السير الاستكمالي.
وقد يطلق في كلمات الفلاسفة على الفعل غير الطبيعي فإن سقوط الحجر من العلوّ فعل طبيعي له ، وخلافه ـ أي الملقى إلى الأعلى ـ فعل قسري ، وهو غير دائمي للزوم جريان قانون المقتضيات على اقتضائها وفق النظام الطبيعي كما فصل في الفلسفة الطبيعية.
والقسر على قسمين :
الأول : القسر الدائمي ، : بأن يكون المنع في الإنسان أو غيره عن الوصول إلى الكمال دائميا ، وقد ثبت في الفلسفة بطلانه لأنّه خلاف الحكمة من الخلق فيكون قبيحا عليه جل شأنه وكل قبيح يكون محالا عليه.
الثاني : القسر غير الدائمي ، وهو في ما إذا كانت الإعاقة عن المطلوب موقتة ، وهذا القسم لم يقم دليل على بطلانه بل هو واقع في الخارج كثيرا ، كالحوادث والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضان والأمراض والأوبئة وغيرها مما يوجب هلاك الحرث والنسل قبل البلوغ إلى الغاية والمطلوب.
ولهذا القسم أسباب متعددة :
منها : الأسباب الطبيعية الخارجة عن قدرة الإنسان واختياره.