الحق ، والميل من الحق إلى الباطل ، ومنه البغي بمعنى الظلم ، والبغاء أي الزنا ، والخروج على خليفة رسول الله (صلىاللهعليهوآله) وقد روى الفريقان أنه (صلىاللهعليهوآله) قال لعمار بن ياسر «تقتلك الفئة الباغية». والقسم الرابع الميل من الباطل إلى الباطل ، والقسمان الأخيران مذمومان ، والغالب في استعمالات البغي إنّما هو في الميل من الحق إلى الباطل.
والعادي : المتعدي عن الحق إلى الباطل ، فيشمل كلا طرفي الإفراط والتفريط لأن كلا منهما باطل بالنسبة إلى الحد الوسط.
وقد اختلف العلماء في المراد منهما فقيل : المراد من الباغي الظلم. وقيل الاعتداء ، وقيل الحسد ، وقيل الفساد من بغى الجرح إذا فسد وقيل مجاوزة الحد عن الحق أو عن القصد. والحق ما ذكرناه في بيان اللفظين ، فيكون المراد منهما مطلق المعصية وما ورد عن الأئمة الهداة (عليهمالسلام) ، وما ذكروه في بيان اللفظين من باب التطبيق وتفسير المعنى الكلي بالفرد ، وهذه عادة جارية بين اللغويين والمفسرين كما نبهنا عليها مرارا.
والمعنى : إنّه بعد أن أباح سبحانه وتعالى للمؤمنين أكل الطيّبات بيّن حرمة بعض الأشياء لخباثتها وفسادها وأضرارها ، أو لإزالة الشرك وخلع الأنداد وإثبات التوحيد في جميع القربات وهي أربعة : الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما أهل لغير الله تعالى. ورخص سبحانه الأكل منها في حالة الاضطرار إليها بشروط خاصة مذكورة في كتب الفقه إلّا أن يكون المضطر باغيا أو عاديا بأن يكون مائلا إلى الباطل وحينئذ يحرم الأكل عليهما.
وإنّما ذكر سبحانه (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) بعد الاضطرار للتنبيه على أنه ليس لأحد تحديد الاضطرار وتفسيره من قبله والا كان من أحدهما ويأتي في البحث الفقهي زيادة إيضاح.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). أي : إنّ الله يغفر المعاصي رحيم بالعباد ، إذ أباح لهم الطيبات وحرّم عليهم الخبائث ورخص لهم ما لم يقدروا عليهما. وذكر الغفران في المقام مع انه لا معصية في مورد الاضطرار ، للاعلام بانه إذا كان لا يؤاخذ على المعاصي ففي موارد الرخصة أولى أن لا يؤاخذ ، أو