الإلهي مكملا لنور الفطرة التي أودعها الله في الإنسان فكان «نور على نور».
الثانية : إنّ القواعد الخلقية هي تلك القواعد التي تخاطب الضمير الإنساني ، ويرغب إليها الإنسان لأجل الحقيقة ذاتها وأهميتها الخلقية فهي لم تكن غريبة عليه ، فكانت لها صفة الإلزام ، قال تعالى : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) [سورة القيامة ، الآية : ١٥]. ويظهر ذلك بوضوح في تلك الآيات القرآنية التي ترجع الإنسان إلى عواطفه ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [سورة الحجرات ، الآية : ١٣] ، وقال تعالى : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) [سورة الحجرات ، الآية : ١٢].
الثالثة : إنّ القرآن الكريم يقرر أنّ الإنسان مسئول عن عمله ، فقد أظهر فكرة المسؤولية الأخلاقية الفردية والاجتماعية بالمعنى الكامل قال تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [سورة النجم ، الآية : ٣٩] ، وقال تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [سورة الإسراء ، الآية : ١٥] ، فكل شخص مسئول بالشروط المقررة عن أفعاله الخاصة الشعورية والإرادية ، كما انه فرد من مجتمع يحمل جانبا من المسؤولية الاجتماعية.
الرابعة : إنّ الإنسان حرّ في اختيار أفعاله الإرادية ، ولا شيء ـ سواء كان داخليا أو خارجيا ـ يستطيع إرغامه وسلب حريته ، قال تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨٤] ، وقال تعالى : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) [سورة الأحزاب ، الآية : ٥٤] بل يعتبر القرآن أنّ أساس المسؤولية هي الحرية ، وقد مضى في ضمن الآيات القرآنية البحث عن ذلك مفصلا وقد تنبّه إلى ذلك الفيلسوف الغربي [كانت] بقوله «يستحيل علينا ان نتصور عقلا في أكمل حالات شعوره ، يتلقى بشأن احكامه توجيها من الخارج ... فارادة الكائن العاقل لا تكون إرادته التي تخصه بالمعنى الحقيقي الا تحت فكرة الحرية».
الخامسة : الجزاء الأخلاقي وفقا لقانون أن كل مسئولية لا بد لها من