ونزل عليهما جبرئيل يوم التروية لثمان من ذي الحجة فقال يا إبراهيم : قم فارتو من الماء لأنه لم يكن بمنى وعرفات ماء فسميت التروية لذلك ، ثم أخرجه إلى منى فبات بها ففعل به ما فعل بآدم (عليهالسلام) فقال إبراهيم (عليهالسلام) لما فرغ من بناء البيت : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ). قال (عليهالسلام) : من ثمرات القلوب ، أي حببهم إلى النّاس لينتابوا إليهم ويعدوا إليهم».
أقول : وردت روايات أخرى قريبة من ذلك من الفريقين ، ويدل على تفسير الثمرات بثمرات القلوب قوله تعالى : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) [سورة ابراهيم ، الآية : ٣٧]. كما تقدم الوجه في كون القواعد من الجنّة في الحديث السابق.
في تفسير القمي في قوله تعالى : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) ـ الآية ـ قال : يعني ولد إسماعيل فلذلك قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أنا دعوة أبي إبراهيم».
وفي تفسير العياشي عن الزبيري عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «قلت له : أخبرني عن أمة محمد (صلىاللهعليهوآله) من هم؟ قال : أمة محمد (صلىاللهعليهوآله) بنو هاشم خاصة. قلت : فما الحجة في أمة محمد (صلىاللهعليهوآله) أنهم أهل بيته الذين ذكرت دون غيرهم؟ قال (عليهالسلام) : قول الله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
فلما أجاب الله إبراهيم وإسماعيل وجعل من ذريتهما أمة مسلمة وبعث فيها رسولا منهم يعني من تلك الأمة يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ردف ابراهيم دعوته الأولى بدعوته الأخرى فسأل لهم تطهيرا من الشرك ومن عبادة الأصنام ليصح أمره فيهم ولا يتبعوا غيرهم ، فقال : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي