تسليم الله الحجر إلى آدم. وفيه إشارة إلى أن التسليم وقع مباشرة منه جل شأنه من دون واسطة في البين ، وفيه من اظهار كمال الأهمية ما لا يخفى. والأرض كلها كانت أرض خليفة الله تعالى وكان يتجول فيها بقدرته تعالى ـ بما فيها الهند ـ وقد فصل المحدثون ذلك في السنة الشريفة.
وأما قوله (عليهالسلام) : «فلما نظر إليه آنس اليه» المراد به الأنس المعنوي الذي يدركه أهل المعنى كما في قوله تعالى : (آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً) [سورة القصص ، الآية : ٢٩].
وأما قوله (عليهالسلام) : «وهو لا يعرفه بأكثر من أنه جوهرة» فإن العلم بالحقائق الواقعية وملكوت الأشياء بما هي عليها يختص به تبارك وتعالى أو من علّمه الله عزوجل ؛ ولم تقتض المصلحة ان يعلم آدم حقيقة تلك الجوهرة حين رماها اليه.
وأما قوله (عليهالسلام) : «فأنطقه الله عزوجل فقال له يا آدم أتعرفني؟» فذلك ممكن عقلا وواقع في الخارج أيضا بقدرة الله تعالى كتسبيح الحصى في كف رسول الله (صلىاللهعليهوآله). ومن هذا الحديث الشريف يظهر سر دعاء الحجيج عند استلام الحجر الأسود بقولهم : «أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة يوم القيامة» فكان لهذا الحجر الشريف مظاهر وشؤون وفي جميعها مبارك ومقدس وسيظهر له بعد ذلك بما هو أحسن وأولى في عالم آخر.
وأما قوله (عليهالسلام) «إن الله عزوجل لما بنى الكعبة وضع الحجر في المكان» فإنه يستظهر منه أن أول بناء الكعبة المقدسة كان من الله تعالى بواسطة الملائكة. ويمكن أن يحمل على بناء ابراهيم (عليهالسلام) فيكون نظير قولهم بنى الأمير المدينة.
والمتحصل انه يظهر من هذا الحديث وأمثاله من الأحاديث المعتبرة عظمة هذا البيت وأهمية الحجر الشريف بما لا يدع مجالا للشك والريب ، فليس هو من الأحجار التي لا تضر ولا تنفع ، وإنما اكتسب شرفا بالمجاورة كما