وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧) صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨) قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١)).
بعد أن ذكر سبحانه وتعالى في ما سلف من الآيات المباركة حقيقة ملة إبراهيم (عليهالسلام) وأنّها التوحيد الخالص والاستسلام لله تعالى ، وبيّن أنها دين الله تعالى الواحد على لسان الأنبياء وإن اختص كل واحد منهم ببعض الأحكام بحسب المصالح.
بيّن سبحانه في هذه الآيات أنّ أهل الكتاب قصروا نظرهم على ما امتاز به كل دين عن غيره وجهلوا الحقيقة المشتركة بين الأديان ، فادعى كل واحد أن دينه الحق وغيره على الباطل ، وأن أنبياء الله تعالى على دينهم ، فأبطل سبحانه وتعالى مزاعمهم وحكم بأن الإيمان بالله جلّ شأنه ، وما أنزله تعالى والاستسلام لأمره هي الحقيقة المطلوبة لدى الأنبياء من دون فرق بين أحد منهم ، وأنّ ذلك هو دين الفطرة التي أودعها في الإنسان ولا دخل لأحد فيها ، فمن كان محاجا في ذلك فهو في شقاق.
ثم أقام الحجة على ذلك بأنه تعالى هو الرب والمدبر للجميع ، وأنه لا علم لهم بأن الأنبياء السابقين على دينهم كيف وقد بشروا بنبوة خاتم النبيين (صلىاللهعليهوآله) وهم قد كتموه.
وختم الكلام بأن كل واحد له جزاء عمله فلا يسئل عما يفعله غيره. فعلى كل فرد أن يجتني ثمار أعماله.
التفسير
قوله تعالى : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا). الضمير في قالوا يرجع إلى أهل الكتاب ، و (أو) للتنويع ، والجملة لبيان عقيدتهم.