ينجو أحد إلّا بهما وأن ما عداهما كفر وضلال؟!! : كيف وقد كان إبراهيم (عليهالسلام) وأبناءه وأحفاده على الملة الحنفية المرضية ـ التي بدأت بخليل الرحمن وختمت بسيد المرسلين ـ الداعية إلى أصول المعارف الإلهية في المبدأ والمعاد. والأحكام الشرعية ، والبداهة والبرهان تدلان على كذبهم ، وأن اليهودية والنصرانية إنما حدثنا بعد إبراهيم (عليهالسلام) وأولاده وأحفاده بقرون ، وهذا ادعاء باطل ، قال تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٦٥]. إلّا إذا ادعوا أنهم كانوا شهداء حين حضر هؤلاء الأنبياء الموت فأوصوا لأعقابهم بالتهود والتنصر ، وهذا كسابقه باطل ، ولذا رد عليهم سبحانه.
وفي قوله تعالى : (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ) توبيخ وتعيير لهم بابطال جميع محتملات كلامهم ثم إظهار ما هو الحق.
و «أم» متصلة ومعادلة لما قبلها أي : إن كانت المحاجة في الله تبارك وتعالى فأنتم والمسلمون تعترفون بأنه تعالى رب الكل. وإن كانت في أن إبراهيم (عليهالسلام) وأولاده وأحفاده كانوا هودا أو نصارى ، فهو خلاف الوجدان والبرهان ، لأن التوراة والإنجيل نزلا بعد إبراهيم بقرون. وأن الله هو الجاعل للنبوة لإبراهيم وأولاده وأنه أنزل الكتب السماوية على رسله فهو أعلم بذلك منكم.
قوله تعالى : (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ). أي : أنتم أعلم بالواقع مع ادعائكم الباطل أم الله الذي أخبر بأن إبراهيم كان حنيفا وأنه ارتضى لكم ملته؟! أو أن أولاده رضوا بعبادة الله إلها واحدا. كما عرفت ، وأنه أنزل الكتب السماوية على رسله فهو أعلم بذلك منكم. ولا ريب في أنهم يعترفون بالثاني فيكون ادعاؤهم باطلا.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ). كتم بمعنى ستر ، وكتم الشهادة أي سترها. وهو وشهادة الزور من المعاصي