بالبعض دون الجميع.
الرابع : إنّ سوق الآية المباركة في سياق قصة إبراهيم (عليهالسلام) ، واختصاص قوله تعالى : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٢٨] بالبعض ، ثم جعل الشهادة في سياق شهادة الرسول كل ذلك يدل على أن المراد بالأمة قسم خاص منها.
الخامس : إنّ شهادة الفرد في الدنيا تحتاج إلى قيود وشروط في الشريعة ، وإلّا فلا تقبل شهادة كل فرد ، فإذا كانت هذه حال الشهادة على الفرد ، فكيف تكون الشهادة على النوع في النشأة الآخرة فهل تقبل بلا قيد وشرط؟!!.
السادس : لا بد في أداء الشهادة النوعية في الآخرة من أن يكون تحملها في الدنيا بعرض أعمال الناس على الشاهد من قبل الله تعالى ، وإلّا فلا يمكن أن يتحقق التحمل فلا يترتب الأداء في النشأة الآخرة. ومن يعرض عليهم أعمال النّاس عدة مخصوصة ، كما ورد في نصوص كثيرة. وبالجملة : أنه لا بد للشاهد على نوع البشر يوم الحشر الأكبر من اطلاعه على صحة أعمال الخلق وفسادها ، والتمييز بين جيدها ورديئها ، وذلك لا يكون إلا في طائفة مخصوصة.
إن قيل : إنّ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) [سورة الحديد ، الآية : ١٩] يعم جميع الأمة بلا اختصاص له بطائفة ، فليكن المقام نظير هذه الآية المباركة أيضا.
يقال : إنه لا ربط للمقام بالآية الشريفة المتقدمة ، فإن المقام في الشهادة على النّاس ، والآية المتقدمة في مقام بيان أن للمؤمن مرتبة الشهادة عند الله تعالى ، وهما مختلفان ، وقد ورد في جملة من الأخبار : «أنّ المؤمن شهيد ولو مات في فراشه».
ومن ذلك كله يعرف أن الآية المباركة لا تشمل جميع الأمة. وما ذكره بعض المفسرين لا شاهد له لا من عقل ولا نقل ، بل هو معترف في ضمن