ومن تأمّل في الإجماع على تعيين الأعلم ؛ زعما منه انحصار الوجه فيه ، كالمولى السمي المقدّس في ظاهر مجمع الفائدة (١) ، وسلطان العلماء في حاشية المعالم (٢) ، والفاضل التوني في الوافية (٣) .
بل وربما يستظهر هذا أيضا ممّن علّل تعيين الأعلم بأنّ الظنّ الحاصل من قوله أقوى ، وبأنّه أقوى الظنّين (٤) وإن لا يخلو عن شيء.
وكيف ما كان ، فهذا القول بعد ـ كما ترى ـ ضعيف في الغاية ، ومع هذا لا وجه له عدا وجوه قاصرة :
منها : ما تمسّك به بعض الأعاظم ـ طاب ثراه ـ من أنّ اشتغال الذمّة بالتقليد لم يثبت إلّا بالقدر المشترك المتحقّق في ضمن تقليد غير الأعلم أيضا ، والأصل عدم لزوم الزيادة.
وفيه ما لا يخفى ، سيّما بعد ما مضى.
ومنها : ما قيل من أنّ المعهود من سيرة أكثر المسلمين الرجوع إلى جميع العلماء المجتهدين ، من دون نكير عليهم (٥) .
وفيه أيضا ما لا يخفى ، سيّما بعد ما مضى.
ومنها : أنّه لو تعيّن العمل بفتوى الأعلم ، لزم التكليف بما لا يطاق ، واللازم باطل ، فكذا الملزوم.
أمّا بطلان اللازم فظاهر ، وأمّا الملازمة فلعدم تمكّن المستفتي من تعيين الأعلم وتشخيصه.
وفيه أيضا ما لا يخفى من المنع المتوجّه على الملازمة ؛ مضافا إلى خروجه ـ على
__________________
(١) مجمع الفائدة ، ج ١٢ ، ص ٢١.
(٢) حاشية سلطان العلماء على المعالم ( المطبوع مع المعالم ) ص ٢٤١.
(٣) الوافية ، ص ٣٠٢.
(٤) انظر مطارح الأنظار ، ص ٢٧٦ ، ص ٣٠.
(٥) قال به في مفاتيح الاصول ، ص ٦٢٨ ، ص ٢٢.