إلّا بنصّ عن (١) معصوم.
وقال السيّد المرتضى :
إن قالت العامّة : إذا كان الإجماع عندكم قليل الجدوى لبعد تحقّقه وعدم خروجه عن معنى الخبر لأنّ العمدة فيه قول المعصوم ، فلم جعلتموه دليلا مستقلّا مغايرا للخبر ، ونظمتموه في سلك الأدلّة الشرعيّة ؟
قلنا : لو كنّا المستندين لذلك لورد علينا ما ذكرتم ، لكنّكم لمّا عقدتم هذا الأصل وسألتمونا : هل يتمشّى عندكم ؟ أجبناكم : نعم ، إذا تحقّق قول المعصوم في جملة أقوال المجمعين عملنا بهذا الدليل ، فإن كان الإجماع الذي تدّعونه أصلا هو هذا وافقناكم عليه ، وإلّا فليس بحجّة عندنا. انتهى. (٢)
وهو كلام جيّد جدّا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الإجماع إنّما يتحقّق في القسم الأوّل وهو الضروري ، أو في زمان ظهور الإمام ، أو في صورة ظهور نصّ صريح واضح قد عمل به جميع علماء الإماميّة ، بحيث لا يظهر منهم مخالف بعد التتبّع التامّ. والظاهر أنّ الصورة الأخيرة داخلة في القسم الأوّل.
وأمّا اتّفاق المجتهدين من الاصوليّين على حكم ليس فيه نصّ ، فإمكان تحقّقه ممنوع ، ولو سلّم وثبت وقوعه ، فدلالته على دخول قول الإمام في جملتهم ممنوعة ، وحينئذ (٣) فليس بشيء ولا يجوز الاحتجاج به.
وبيانه أنّ تفسير (٤) العلم بآراء جميع الناس وأقوال سائر العلماء ـ مع تفرّقهم في أقطار الأرض ، وانغمارهم في طبقات الناس ، وكثرة مصنّفاتهم جدّا ، وخفاء تاريخ تقدّم بعضها على بعض ، وكون كثير منهم لم يصنّف شيئا ، وخمول كثير من أهل الفضل بحيث لا يعرف ، وانتشارهم في بلاد الشيعة ، والتقيّة ، وعدم إظهار كثير
__________________
(١) الف : من.
(٢) حكاه عن السيّد المرتضى في الفوائد المدنيّة ، ص ٥٢ ، وانظر : الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ٢ ، ص ٦٢٣.
(٣) الف ، ب : ـ وحينئذ.
(٤) م : تعسّر.