وعلى التقديرين قد يشكل الإطلاق في الجواب أوّلا ، كما يشكل الجواب بقوله عليهالسلام : « ذاك في الفريضة » لأنّ إطلاق التجويز في الجواب الأوّل ملائمته للتفصيل خفيّة.
ولا يبعد أن يكون السائل فهم الإطلاق ثم سأل عن وجه الجمع بين الجواز وبين ذاك الدال على الرجحان ، فأزاح عليهالسلام الريبة بالفرق بين الفرض والنفل ، ولعلّه عليهالسلام لمّا علم أنّ السائل يستفصل عن الأمرين أجمل في الأوّل ، وعلى كل حال فذكر الشيخ الرواية في الأوّل مع ظاهر دلالتها على وجوب إعطاء كل سورة حقّها الدال على تحريم القران ، مع ادّعائه دلالة الثانية على الكراهة ، لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ الكراهة في الأخبار تستعمل بمعنى التحريم بكثرة.
وعلى تقدير دلالة الخبر الأوّل على التحريم يحمل الثاني عليه ، بجواز استعمال الكراهة فيه ، ولو كان الأوّل صريحا في عدم التحريم أمكن أن يقال : إنّ الكراهة مشتركة في الأخبار بين التحريم والكراهة ، ومع الاشتراك لا ينافي الخبر الأوّل الدال على الجواز (١) ، إلاّ أن يقال : إنّ الخبر الأوّل في حيّز الإجمال بسبب ما قدّمناه من الاحتمال ، فيبقى الخبر الثاني صالحا للكراهة ، لا أنّه صريح كما قاله الشيخ ، فإنّ الصراحة ينافيها استعمال الكراهة في التحريم ، وبالجملة فالمقام واسع البحث ، وقد ذكرت في حاشية التهذيب ما لا بدّ منه أيضا.
غير أنه ينبغي أن يعلم أنّ الشيخ في زيادات التهذيب روى الثالث بزيادة بعد قوله : « لا بأس » وهي : وعن تبعيض السورة ، قال : « أكره
__________________
(١) في « رض » : عدم الجواز.