قلت : لما ذكرت وجه ، إلاّ أنّ ذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقام النهي يشعر به ، وحينئذ يرجع إلى التحريم ، وهو عدم الجواز لعدم فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وغير خفيّ الإشكال فيه ؛ لأنّ عدم الفعل في محل لا يفيد التحريم ، وحينئذ فالوجه في الرواية الكراهة ، والتعليل لذلك حينئذ ظاهر ؛ إذ حاصله أنّ الصلاة لو كانت راجحة رجحانا زائدا على الوجوب في الكعبة لفعلها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا لم يفعل علم انتفاء الرجحان المذكور ، فلا ينبغي فعلها.
فإن قلت : رجحان الفعل على تقدير دخول وقت الوجوب ، ومن الجائز عدم الدخول في وقت العبادة.
قلت : لو كان الرجحان المذكور موجودا لطلب فعله عليهالسلام ، نعم ربّما يقال : إنّ عدم الرجحان المذكور لا يقتضي الكراهة ، إذ هي أقلّ الرجحان ، وعدم فعله عليهالسلام لكون الواجب لا يزيد ولا ينقص فلا يتم الاستدلال على الكراهة ، إلاّ أن يقال : إن الكراهة من مجموع قوله عليهالسلام : « لا تصلّى المكتوبة » مع ذكر فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومن هنا يظهر أنّ ما ذكره بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ : من أنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه التحريم وحمله على الكراهة صرفا له عن ظاهره (١) ، لا يخلو من غرابة كما يعلم ممّا قررناه.
أمّا الثاني : فالشيخ استفاد من قوله : « لا تصلح » الدلالة على الكراهة ، وله وجه أيضا يندفع به ما ادعي من أنّ ظاهره التحريم ، إلاّ أنّ الشيخ رحمهالله كثيرا ما يستدل على التحريم بمثل هذا اللفظ ، وغير بعيد اشتراكه بين الكراهة والتحريم ، والصراحة أو الظهور منتف ، على أنّ في كلام الشيخ نوع تأمل ؛ لأنّ الحمل على الضرورة ثم ذكر الكراهة لا يخلو من تشويش ،
__________________
(١) الحبل المتين : ١٥٨.