ولقائل أن يقول : إنّ الشرطيّة متوقفة على الدليل ، والأصل يقتضي عدمها ، فالاستدلال من العلاّمة بالأصل لا وجه لمنعه ، غاية الأمر أنّ انعقاد النافلة بدون الفاتحة يتوقّف على الدليل ، وعموم فعل النافلة يتناول ما يقع بالفاتحة وعدمها ، والمنع حينئذ يندفع.
ويمكن الجواب : بأنّ مراد الشهيد هو الثاني ، لما هو معلوم من أنّ حقيقة المنع طلب الدليل ، وما ذكر من العمومات محل تأمّل ؛ لأنّ العبادة متلقّاة من الشارع ، فما لم يقم دليل على الاكتفاء بغير الفاتحة لم يحكم بانعقاد النافلة.
( فإن قلت : الأمر في الآية الشريفة (١) بقراءة ما تيسّر يتناول النافلة ، بل الظاهر من مساق الآية الاختصاص بنافلة الليل ، كما ذكره جماعة من المفسّرين ومنهم الإمام الطبرسي رحمهالله (٢) وإذا ثبت في صلاة الليل ثبت في غيرها ؛ إذ لا قائل بالفصل.
قلت : غاية ما تدل عليه الآية الأمر بقراءة ما تيسّر في النافلة ، لكن ثبوت الشرطيّة لا يستفاد من الآية إلاّ بتكلّف أنّ الأمر للوجوب ولو على وجه يرجع إلى الشرطيّة ، وفيه ما فيه.
فإن قلت : إذا كان الأمر للوجوب فأيّ مانع من وجوب القراءة في النافلة من دون اعتبار الشرطيّة؟
قلت : المانع هو لزوم وجوب النافلة بالشروع ، ولا أعلم القائل به ، وكلام الشهيد رحمهالله يوضح الحال ، وأمّا اعتبار الشرطيّة فما فيه واضح ) (٣).
__________________
(١) المزمل : ٢٠.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٣٨٢ ، أبو السعود في تفسيره ٩ : ٥٣ ، والمحقّق الأردبيلي في زبدة البيان : ٩٥ و ٩٦.
(٣) ما بين القوسين ساقط من فض.