______________________________________________________
وقولهم : ان المشتبه بالنجس بحكم النجس ، لا يريدون به من جميع الوجوه ، بل المراد صيرورته بحيث يمنع استعماله في الطهارة خاصة. ولو صرحوا بإرادة المساواة من كل وجه كانت الدعوى خالية من الدليل ، إلا أن الاحتياط يقتضي الاجتناب غالبا.
الثالث : مقتضى النص (١) وكلام الأصحاب وجوب التيمم والحال هذه إذا لم يكن المكلف متمكنا من الماء الطاهر مطلقا. وقد يخص ذلك بما إذا لم يمكن الصلاة بطهارة متيقنة بهما كما إذا أمكن الطهارة بأحدهما والصلاة ثم تطهير الأعضاء مما لاقاه ماء الوضوء والوضوء بالآخر. لكن يرد عليه : أنّ هذين الماءين قد صارا محكوما بنجاستهما شرعا واستعمال النجس في الطهارة مما لا يمكن التقرب به ، لأنه بدعة. وفيه ما فيه.
واعلم : أن المشتبه بالمغصوب كالمشتبه بالنجس في وجوب الاجتناب وبطلان الطهارة به ، للنهي عن استعمال كل واحد منهما.
وأما المشتبه بالمضاف فقد قطع الأصحاب بوجوب الطهارة بكل واحد منهما ، وأنه مع انقلاب أحدهما يجب الوضوء بالآخر والتيمم ، مقدّما الأول على الثاني.
وقد يقال : إن الماء الذي يجب استعماله في الطهارة إن كان هو ما علم كونه ماءا مطلقا فالمتجه الاجتزاء بالتيمم وعدم وجوب الوضوء به كما هو الظاهر. وإن كان هو ما لا يعلم كونه مضافا اكتفي بالوضوء ، فالجمع بين الطهارتين غير واضح. ومع ذلك فوجوب التيمم إنما هو لاحتمال كون المنقلب هو المطلق فلا يكون الوضوء بالآخر مجزيا ، وهذا لا يتفاوت الحال فيه بين تقديم التيمم وتأخيره كما هو واضح.
__________________
(١) الوسائل ( ٢ : ٩٦٦ ) أبواب التيمم ب (٤).