______________________________________________________
والوضوء مندوب فقد قصد إيقاع الفعل على غير وجهه كلام شعري ، ولو كان له حقيقة لكان الناوي مخطئا في نيّته ، ولم تكن النية مخرجة للوضوء عن التقرب به (١). هذا كلامه أعلى الله مقامه ، وهو في غاية الجودة.
الثالث : اشتراط نيّة الرفع أو الاستباحة ، واحتج عليه المشترط بقوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) (٢) الآية فإنّ المفهوم منه كون هذه (٣) الأفعال لأجل الصلاة ، كما أنّ المفهوم من قولهم : إذا لقيت الأمير فخذ أهبتك ، وإذا لقيت الأسد فخذ سلاحك. كون الأخذ لأجل لقاء الأمير والأسد.
ويرد عليه أنّ كون هذه الأفعال لأجل الصلاة لا يقتضي وجوب إحضار النيّة عند فعلها كما في المثالين المذكورين ، وكما في قولك أعط الحاجب درهما ليأذن لك ، فإنه يكفي إعطاؤه في التوسل الى الإذن ، ولا يشترط إحضار النية وقت العطية قطعا.
وأورد عليه أيضا أنه إن تمّ فإنما يدل على وجوب قصد الاستباحة خاصة ، والمدعى وجوب أحدهما لا على التعيين ، وهو لا يدل عليه.
وأجيب بأنّ وجوب الاستباحة لكونها أحد الأمرين الواجبين لا يخرجه عن الوجوب ، فإن الواجب المخير واجب (٤).
وضعف هذا الجواب ظاهر. ولقد أحسن السيد السعيد جمال الدين بن طاوس ـ رحمهالله ـ في البشرى حيث قال : لم أعرف نقلا متواترا ولا آحادا يقتضي القصد الى رفع الحدث واستباحة الصلاة ، لكن علمنا يقينا أنه لا بد من نية القربة ، ولو لا ذلك
__________________
(١) كما في المعتبر ( ١ : ١٣٩ ).
(٢) المائدة : (٦).
(٣) في « م » « س » « ق » ذلك.
(٤) كما في المختلف : (٢٠).